للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد امتنع عمر من الدخول إلى كنائس النصارى لأجل الصور التي فيها، وقال: «إنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل التي فيها الصور» (١)، وامتنع أبو مسعود عقبة بن عمرو من الدخول إلى البيت حتى كسرت الصورة (٢)، وغير ذلك كثير.

أدلة القول الثاني:

وأدلتهم على كراهة دخول المكان الذي فيه صورة هي أدلة أصحاب القول الأول نفسها، سواء بسواء، وإنما اختلفوا في أخذ الحكم من تلك الأدلة، فمنهم من رأى أنها تدل على التحريم، وهم أصحاب القول الأول، ومنهم من رأى أنها تدل على الكراهة فقط، وهم أصحاب القول الثاني (٣).

يمكن مناقشة ذلك:

بأن مقتضى الأدلة هو القول بالتحريم، وليس الكراهة، وذلك لما فيه من الوقوع في التشبه بعباد الأوثان، والأصنام، والحرمان من دخول الملائكة إلى تلك الأماكن، وكون ذلك الصنيع من أقوى الوسائل المفضية إلى الشرك (٤).

الترجيح:

الذي يظهر -والله أعلم -جواز دخول مكان فيه صور لمن استطاع تغيير المنكر، وأما من لم يستطع فلا يجوز له الجلوس ما لم يترتب عليه مفسدة أعظم. فعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة، أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها فأخرجت، فأخرج صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما من الأزلام، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قاتلهم


(١) أخرجه البخاري معلقًا في الصلاة، باب الصلاة في البيعة (١/ ٩٤)، ووصله عبد الرزاق في مصنفه (١/ ٤١١)، وصحح سنده الألباني في آداب الزفاف (ص: ١٦٤).
(٢) رواه البخاري في النكاح معلقًا، باب هل يرجع إذا رأى منكرًا في الدعوة؟ ووصله البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٤٣٨)، وصحح سنده الألباني في آداب الزفاف (ص: ١٦٥).
(٣) انظر: الشريعة الإسلامية والفنون ص (١٦١).
(٤) انظر: فتح الباري (٨/ ١٧)، أحكام التصوير ص ٤٧٠.

<<  <   >  >>