للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجيح:

الذي يظهر -والله تعالى أعلم- ترجيح ما يلي:

١. قول الجمهور بفساد النكاح والتفريق بينهما؛ لأن عقد النكاح واقعٌ في العدة مع إسلام أحدهما، والفساد حاصلٌ مع الإسلام؛ فلا يصح؛ فعن أبي الدرداء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أتى بامرأة مُجِح (١) على باب فسطاط (٢)، فقال: «لعله يريد أن يلم بها»، فقالوا: نعم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لقد هممت أن ألعنه لعنًا يدخل معه قبره، كيف يُوَرِّثُهُ وهو لا يحل له؟ كيف يستخدمه وهو لا يحل له؟ » (٣).

٢. يُعقد لهما عقدٌ جديد، إن رغبا.

٣. إن رأى القاضي إبقاءهما على النكاح تأليفًا لهما، وخشية تنفيرهما عن الإسلام (٤) فله ذلك -لا سيما والقول بإقرارهما على النكاح هو قول بعض أئمة السلف في الفقه-؛ لأن حفظ الدِّين مقدّم على حفظ العرض والنسل؛ فإنَّ من أهم الحِكَم في تشريع العدّة معرفة براءة الرحم؛ لئلا يفضي إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب (٥)، (وذلك هو حفظ العرض).

ثم إن كان لا بدّ، وبعد ثبات الزوجين على أصول الدين وأركان الإسلام، يبين لهم ويعقد لهم بعقد جديد.

فإن التدرّج في دعوة الناس حسب القدرة والإمكان من أصول الدعوة إلى الله تعالى.

فقد روى الشيخان عن ابن عباس - رضي الله عنهما - لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل إلى


(١) المجح: بميم مضمومة ثم جيم مكسورة ثم حاء مهملة، وهي: الحامل التي قربت ولادتها. انظر: شرح النووي على مسلم (١٠/ ١٤).
(٢) وهو نحو بيت الشعر. انظر: شرح النووي على مسلم (١٠/ ١٤).
(٣) رواه مسلم في صحيحه، كتاب النكاح، باب تحريم وطء الحامل المسبية رقم (١٤٤١).
(٤) الحكمة من إبقاء الكفار على أنكحتهم خشية نفورهم عن الإسلام. انظر: الفروق للقرافي (٣/ ١٣٣)، الحاوي الكبير (٩/ ٣٠٩).
(٥) المبسوط (٥/ ٢٩)، درر الحكام (١/ ٤٠١)، التاج والإكليل (٥/ ٤٧٠) حاشية العدوي (٢/ ١١٨)، المعونة (ص: ٩١٤)، الأم للشافعي (٤/ ١٠٥)، المهذب (٣/ ١١٨)، الكافي (٣/ ١٩٤)، المبدع (٧/ ٩٦).

<<  <   >  >>