للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ملتزم الطاعة يقوم مقام فعله؛ لنفوذه، وحدوث الفعل عنه، وجرى المأمور معه مجرى الآلة.

والحالة الثانية: أن يكون المأمور عالماً بأنه مظلوم، يقتل بغير حق فبهذا المأمور حالتان:

إحداهما: أن يقتله مختارًا.

والثانية: مكرهًا.

فلو قتل الجلّادُ رجلًا بالجلد وقد أَخبر الإمامُ الجلادَ بأنه ظالم، فتابعه الجلاد، فالضمان على مَن؟

اختلف العلماء في المسألة على أقوال (١):

القول الأول: الضمان على الإمام دون الجلاد، وهو قول أبي حنيفة، ووجه عند الحنابلة (٢).

القول الثاني: إن كان قد قَتَله مختارًا غير مكره فهو القاتل دون الإمام، فعلى الجلَّاد الضمان، وإن قتله مكرهًا فعلى الإمام

والجلاد الضمان، وهو قول جمهور الشافعية (٣)، ومنهم


(١) ملاحظة: لم أجد من صرّح من الفقهاء بكون الإمام صرح للجلاد بأنه ظالم إلا الشافعية، وإنما ذكروا كون الإمام والجلاد عالمين بالظلم .. فهي مثلها.
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١٧٧)، بدائع الصنائع (٧/ ١٨٠)، المغني (٩/ ١٦٥)، الإنصاف (١٠/ ١٦٠).
(٣) انظر: روضة الطالبين (١٠/ ١٨٤)، تحفة المحتاج (٩/ ١٩٨)، مغني المحتاج (٥/ ٥٣٩)، الإنصاف (٩/ ٤٨٦).
وقد صرح الشافعية: أن محل ما ذُكر فيما إذا كان خطأ في نفس الأمر، فإن كان في محل الاجتهاد كقتل مسلم بكافر وحر بعبد، فإن اعتقد أنه غير جائز أو اعتقد الإمام جوازه دون الجلاد، فإن كان هناك إكراه فالضمان عليهما، وإلا فعلى الجلاد في الأصح، وإن اعتقد الجواز فلا ضمان على أحد، وإن اعتقد الإمام المنع والجلاد الجواز، فقيل ببنائه على الوجهين في عكسه وضعفه الإمام؛ لأن الجلاد مختار عالم بالحال والإمام لم يفوض إليه النظر والاجتهاد، بل القتل فقط، فالجلاد كالمستقل. كذا في الروضة وأصلها، وما ضعفه جزم به جمع.
انظر: روضة الطالبين (١٠/ ١٨٥)، مغني المحتاج (٥/ ٥٣٩)، قواعد الأحكام في مصالح الأنام (٢/ ١٥٨)، المنثور في القواعد الفقهية للزركشي (٢/ ٣٧٠).

<<  <   >  >>