للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عندهم مجاوزة القدر في العطية إلى ما يجحف برب المال (١).

وهذه المسألة فيما إن عفا المبذِّر عن الدية متفرعة عن مسألة حكم الحجر على السفيه.

وهل عفو السفيه نافذ أو ليس له ذلك؟

والمراد بالمبذّر هنا من كان بالغًا.

والمبذر في الأموال يعدّ سفيهًا عند الفقهاء؛ لأن السفه: تبذير المال وتضييعه على خلاف مقتضى الشرع أو العقل (٢).

ولهذا جرى على لسان الفقهاء: أن السفه هو التبذير، والسفيه هو المبذر (٣).

وعلاقة التبذير بالسفه هي علاقة السبب بالمسبب؛ فمن عادة السفيه التبذير والإسراف في النفقة، وأن يتصرف تصرفًا لا لغرض أو عوض لا يعده العقلاء من أهل الديانة عوضًا (٤).

وللعلماء في مسألة حكم عفو المبذِّر عن الدية ثلاثة أقوال:

القول الأول: عفو المبذر نافذ، وهو مقتضى قول أبي حنيفة (٥).

القول الثاني: ليس للمبذِّر العفو عن الدية، ولا أثر لقوله، ولا حكم لعفوه. وهو


(١) انظر: تفسير الطبري (٩/ ٦١٤)، زاد المسير في علم التفسير (٢/ ٨٥)، تفسير ابن كثير (٣/ ٣٥٠).
(٢) انظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٦/ ١٤٧).
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٥٧)، البناية (١١/ ٨٨)، القوانين الفقهية (ص: ٢١١)، شرح الخرشي (٤/ ٨)، بلغة السالك لأقرب المسالك (٣/ ٣٩٣)، الحاوي الكبير (٦/ ٣٥٤)، روضة الطالبين (٤/ ١٧٧)، الفروع وتصحيح الفروع (٥/ ٢٢٥)، كشاف القناع (٢/ ٣٨٦).
(٤) انظر: البناية شرح الهداية (١١/ ٨٨).
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٥٧)، بدائع الصنائع (٧/ ١٧١).

<<  <   >  >>