للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقتضى قول الصاحبين والفتوى عند الحنفية، ومذهب الشافعية والحنابلة (١)، وقطع به الصيدلاني (٢).

القول الثالث: له العفو مجانًا عن الدية في جناية عمد أوجبت قصاصًا، وأما الخطأ والعمد الذي يتعين فيه المال كالجائفة فليس له العفو، وهو قول المالكية (٣).

أدلة القول الأول:

عموم الأدلة التي تدل على عدم الحجر على السفيه المبذِّر، ومنها:

١. قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} (٤).

وجه الدلالة:

أن الله تعالى نهى الولي عن الإسراف في مال اليتيم مخافة أن يكبر، فلا يبقى له عليه ولاية، والتنصيص على زوال ولايته عنه بعد الكبر يكون تنصيصًا على زوال الحجر عنه بالكبر؛ لأن الولاية عليه للحاجة، فهذه الآية تدل على زوال ولاية الولي بالكبر.

وتصرف السفيه المبذر تصرف صحيح نافذ (٥).

٢. قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للذي يخدع في البيع: «إذا بايعت فقل لا خلابة (٦)»، ولم يأخذ


(١) انظر: مجمع الأنهر (٢/ ٤٣٩)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٣/ ٢٩٧)، روضة الطالبين (٩/ ٢٤٢)، منهاج الطالبين (ص: ٢٧٨)، كشاف القناع (٣/ ٤٤٠).
(٢) في نهاية المطلب (١٦/ ١٤١): "فأما المبذر، فالحجر عليه بسبب النظر له في نفسه، والقول الجامع فيه أن الأئمة اختلفوا، فذهب بعضهم إلى أنه كالمفلس في الترتيب المقدّم، وذهب آخرون إلى القطع بأنه يَثْبتُ المال، مهما عفا عن القصاص على الأقوال كلها، وهذا هو الذي قطع به الصيدلاني، ولا وجه غيرُه"
(٣) انظر: بلغة السالك (٣/ ٣٨٨)، شرح الخرشي (٥/ ٢٧٠).
(٤) سورة النساء: ٦.
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٥٩)، تبيين الحقائق (٥/ ١٩٣).
(٦) قوله: "لا خلابة": أي لا خديعة. انظر: فتح الباري لابن حجر (١/ ١١٣).

<<  <   >  >>