للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم - ماله (١).

وفي رواية "وأن أهله أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله، احجر عليه" (٢).

وجه الدلالة:

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحجر عليه (٣).

ونوقش:

بأن هذا الحديث يدل على استحقاق الحجر على البالغ من وجهين:

أحدهما: أنه حجر عليه حجر مثله بأن أثبت له الخيار في عقوده ولم يجعلها منبرمة.

والثاني: سؤالهم الحجر عليه وإمساك النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإنكار.

فلو كان الحجر لا يجوز على البالغ، لأنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم سؤالهم، وإنما لم يجبهم إلى الحجر عليه؛ لأنه يحتمل أن الذي كان يغبن به مما يتغابن الناس بمثله (٤).

٣. الاستدلال بآيات الكفارات من الظهار، والقتل، وغيرها، ففي هذه العمومات بيان أن هذه الكفارات تجب على كل من يتحقق منه أسبابها شرعا سفيهًا كان أو غير سفيه، وارتكاب هذه الأسباب اختيارًا نوع من السفه، فدل أنه مع السفه يتصور منه السبب الموجب لاستحقاق المال (٥).

٤. أن السفيه المبذر حرٌّ مخاطب، فيكون مطلق التصرف في ماله كالرشيد وفي هذين الوصفين إشارة إلى أهلية التصرف والمحلية فيه؛ لأن بكونه مخاطبًا نثبت أهلية التصرف، فإن التصرف كلام ملزم وأهلية الكلام بكونه مميزًا، والكلام المميز بنفسه بكونه


(١) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الخصومات، باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل، وإن لم يكن حجر عليه الإمام، رقم (٢٤١٤)، ومسلم في صحيحه، كتاب البيوع، باب من يخدع في البيع رقم (١٥٣٣).
(٢) رواه النسائي في سننه، كتاب البيوع، باب الخديعة في البيع، رقم (٤٤٨٥)، وابن ماجه في سننه، أبواب الأحكام، باب الحجر على من يفسد ماله، رقم (٢٣٥٤)، وصحح الرواية الألباني في سنن النسائي وابن ماجه في نفس الموضع.
(٣) الاختيار لتعليل المختار (٢/ ٩٦).
(٤) انظر: الحاوي الكبير (٦/ ٣٥٦)، البيان (٦/ ٢٣١).
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٥٩).

<<  <   >  >>