للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مخاطبًا والمحلية تثبت بكونه خالص ملكه، وذلك يثبت باعتبار حرية المالك وبعد ما صدر التصرف من أهله في محله لا يمتنع نفوذه إلا لمانع، والسفه لا يصلح أن يكون معارضًا للحرية، والخطاب في المنع من نفوذ التصرف؛ لأن بسبب السفه لا يظهر نقصان عقله، ولكن السفيه يكابر عقله، ويتابع هواه وهذا لا يكون معارضًا في حق التصرف، كما لا يكون معارضًا في توجه الخطاب عليه بحقوق الشرع، وكونه معاقبًا على تركه (١).

أدلة القول الثاني:

عموم أدلة الحجر على السفيه المبذِّر، ومنها:

١. قول الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (٢).

٢. وقال الله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} (٣). يعني: أموالهم (٤).

وجه الدلالة:

نهانا عن الدفع إليه ما دام سفيهًا، وأمرنا بالدفع إن وجد منه الرشد؛ إذ لا يجوز الدفع إليه قبل وجوده، ولأن منع ماله لعلة السفه، فيبقى المنع ما بقيت العلة؛ لأن الحكم يدور معها (٥).

٣. قالوا: ويدل على ما ذكرناه: إجماع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم؛ فقد قال


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٥٩)، التجريد للقدوري (٦/ ٢٩٢٩)، الغرة المنيفة (ص: ١٠٠).
(٢) سورة النساء: ٦.
(٣) سورة النساء: ٥.
(٤) المغني لابن قدامة (٤/ ٣٤٤).
قال في الكشاف (١/ ٤٧١): "السُّفَهاءَ المبذرون أموالهم الذين ينفقونها فيما لا ينبغي ولا يدي لهم بإصلاحها وتثميرها والتصرف فيها. والخطاب للأولياء: وأضاف الأموال إليهم، لأنها من جنس ما يقيم به الناس معايشهم".
(٥) انظر: تبيين الحقائق (٥/ ١٩٥)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٣٩).

<<  <   >  >>