(٢) فقد جاء عن سعيد بن المسيب أن أبا بكر «قضى في الجائفة التي نفذت بثلثي الدية، إذا نفذت الخصيتين كلاهما، وبرئ صاحبها»، وفي رواية: "أن رجلًا، رمى رجلا فأصابته جائفة فخرجت من الجانب الآخر، فقضى فيها أبو بكر - رضي الله عنه - بثلثي الدية". رواه عبد الرزاق في مصنفه (٩/ ٣٦٩)، والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ١٤٩)، وحسنه الألباني في إرواء الغليل (٧/ ٣٣١). (٣) قال الإمام ابن قدامة - رحمه الله -: "وحكي عن بعض أصحاب الشافعي، أنه قال: هي جائفة واحدة. وحكي أيضا عن أبي حنيفة؛ لأن الجائفة هي التي تنفذ من ظاهر البدن إلى الجوف، وهذه الثانية إنما نفذت من الباطن إلى الظاهر.
ولنا، ما روى سعيد بن المسيب، أن رجلا رمى رجلًا بسهم، فأنفذه، فقضى أبو بكر - رضي الله عنه - بثلثي الدية. ولا مخالف له، فيكون إجماعًا. أخرجه سعيد بن منصور في "سننه". وروي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن عمر - رضي الله عنه - قضى في الجائفة إذا نفذت الجوف، بأرش جائفتين. لأنه أنفذه من موضعين، فكان جائفتين كما لو أنفذه بضربتين. وما ذكروه غير صحيح، فإن الاعتبار بوصول الجرح إلى الجوف، لا بكيفية إيصاله، إذ لا أثر لصورة الفعل مع التساوي في المعنى، ولأن ما ذكروه من الكيفية ليس بمذكور في خبر، وإنما العادة في الغالب وقوع الجائفة هكذا، فلا يعتبر، كما أن العادة في الغالب حصولها بالحديد، ولو حصلت بغيره لكانت جائفة. ثم ينتقض ما ذكروه بما لو أدخل يده في جائفة إنسان، فخرق بطنه من موضع آخر، فإنه يلزمه أرش جائفة بغير خلاف نعلمه. وكذلك يخرج فيمن أوضح إنسانا في رأسه، ثم أخرج رأس السكين من موضع آخر، فهي موضحتان. فإن هشمه هاشمة لها مخرجان، فهي هاشمتان. وكذلك ما أشبهه" المغني (٨/ ٤٧٦).