للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: لأن الله تعالى أمر بصلبه، فيصدق بأدنى ما يقع عليه اسم الصلب (١).

تعليل القول الخامس (يصلب ثم ينزل إذا خيف تغيره):

لم أجد لهم تعليلًا أو دليلًا، وقد يعللون: بأن به يحصل الردع والزجر، ولئلا يتأذى الناس من نتنه ورائحته.

تعليل القول السادس (يُصلب حيًا ويترك حتى يموت):

لأن الصلب في كلام العرب يقع على معنيين، أحدهما: من الأيدي، والربط على الخشبة، قال الله تعالى حاكيًا عن فرعون: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} (٢).

والوجه الآخر: التيبيس، قال الشاعر، يصف فلاة مضلة:

بها جيف الحسرى فأما عظامها فبيض وأما جلدها فصليب (٣)

يريد أن جلدها يابس. وقال الآخر:

جَذِيمَةُ نَاهِضٍ فِي رَأْسِ نِيق ترى لعظام ما جَمَعَتْ صَلِيبًا

يريد: ودكًا سائلًا؟ فوجب جمع الأمرين معًا، حتى إذا أنفذنا أمر الله تعالى فيه وجب به ما افترضه الله تعالى للمسلم على المسلم: من الغسل، والتكفين، والصلاة، والدفن، على ما قد ذكرنا قبل هذا (٤).

قال الإمام ابن حزم - رحمه الله -: "وجدنا الله تعالى قد قال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣)} (٥)

فصح يقينًا أن الله تعالى لم يوجب قط عليهم حكمين من هذه الأحكام، ولا أباح


(١) انظر: المغني (٩/ ١٤٨)، الإنصاف (١٠/ ٢٩٣).
(٢) سورة طه: ٧١.
(٣) البيت لعلقمة بن عبدة بن النعمان بن قيس كما في المفضليات (ص: ٣٩٠).
(٤) انظر: جمهرة اللغة (١/ ٣٥٠)، المحلى بالآثار (١٢/ ٢٩٦).
(٥) سورة المائدة: ٣٣.

<<  <   >  >>