للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يجمع عليهم خزيان من هذه الأخزاء (١) في الدنيا، وإنما أوجب على المحارب أحدها لا كلها، ولا اثنين منها، ولا ثلاثة.

فصح بهذا يقينًا لا شك فيه: أنه إن قتل فقد حرم صلبه، وقطعه، ونفيه.

وأنه إن قطع، فقد حرم قتله، وصلبه، ونفيه.

وأنه إن نفي، فقد حرم قتله، وصلبه وقطعه وأنه إن صلب، فقد حَرُمَ قتله، وقطعه، ونفيه، لا يجوز البتة غير هذا، فحرم بنص القرآن صلبه إن قُتل.

وحرم أيضًا بنص القرآن قتله إن صُلب وحَرُمَ هذا الوجه أيضًا بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي ذكرنا من «إن أعف الناس قِتلةً أهلُ الإيمان» (٢)،

و«إذا قتلتم فأحسنوا القتلة» (٣)،


(١) هكذا في المحلى (أخزاء)، ويقلّ في اللغة جمع المصدر؛ ومنه قوله تعالى: {الظُّنُونَا} [الأحزاب: ١٠].
(٢) قال المناوي - رحمه الله -: "أي هم أرحم الناس بخلق الله، وأشدهم تحريًا عن التمثيل والتشويه بالمقتول وإطالة تعذيبه؛ إجلالًا لخالقهم وامتثالًا لما صدر عن صدر النبوة من قوله «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة»، بخلاف أهل الكفر وبعض أهل الفسوق ممن لم تذق قلوبهم حلاوة الإيمان، واكتفوا من مسماه بلقلقة اللسان، وأشربوا القسوة حتى أبعدوا عن الرحمن، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي، ومن لا يَرحم لا يُرحم" فيض القدير (٢/ ٧).
أي أهل الإيمان هم أعف الناس في القتل، رواه أحمد في مسنده (٦/ ٢٧٤)، وأبو داود في سننه، الجهاد، باب في النَّهىِ عَنِ الْمُثْلَةِ، رقم (٢٦٦٦)، ورواه ابن ماجه، كتاب الديات، باب أعف الناس قتلة أهل الإيمان، رقم (٢٦٨١)، عبد الرزاق في مصنفه (١٠/ ٢٢)، وابن أبي شيبة في المصنف (٥/ ٤٥٥)، وابن حبان في صحيحه (١٣/ ٣٣٥)، والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ١٠٧)، وغيرهم، وضعفه ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٢٦/ ٤٥٨).

والألباني في السلسلة الضعيفة (٣/ ٣٧٦)، قال ابن حزم - رحمه الله -: "هذا وإن لم يصح لفظه، فإن فيه هنيء بن نويرة - وهو مجهول - فمعناه صحيح" المحلى بالآثار (١٠/ ٢٦٤).
(٣) رواه مسلم في صحيحه، في الصيد والذبائح، باب الأمر بإحسان الذبح والقتل، وتحديد الشفرة رقم (١٩٥٥).

<<  <   >  >>