للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعطى ويرد ما أخذ؛ لأن صاحبه لو كان هو الذي بدر إليه في الابتداء، وهو غني عنه، كان له أن يأخذه منه لحاجته إليه، فكذلك إذا كان هو الذي سلمه إليه، إلا أن هناك يأخذه منه من غير أن يعطيه شيئًا، وهاهنا يرد عليه ما أخذه منه بمقابلته؛ لأنه لو لم يرد ذلك عليه كان غرورًا منه، والغرور حرام، حتى لو كان وهبه له كان له أن يأخذه لحاجته إليه إذا كان الموهوب له غنيًا عنه، من غير أن يعطيه شيئًا بمقابلته.

وإن كان حين قصد الاسترداد من صاحبه أعطاه صاحبه محتاجًا إليه لم يكن له أن يأخذه منه؛ لأنه هو الذي سلطه على الدفع إلى غيره، فكأنه دفعه بنفسه إلى هذا المحتاج، ثم أراد أن يأخذه منه، وقيام حاجة من في يده في مثل هذا يمنعه من الأخذ منه.

ولو تبايعا، وهما غنيان أو محتاجان أو أحدهما غني والآخر محتاج، فلم يتقابضا حتى بدا لأحدهما ترك ذلك فله أن يتركه؛ لأن هذه المبايعة ما كانت معتبرة شرعًا فإنها لم تصادف محلها، فكان الحال بعدها كالحال قبلها، ما لم يتقابضا، فإن هذا الحكم يبتني على اليد، وبمجرد المبايعة قبل القبض لا تتحول اليد من أحدهما إلى الآخر" (١).

وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغنائم حتى تُقسَم (٢).


(١) شرح السير الكبير (ص: ١٢٢٥ - ١٢٢٧).
(٢) جاء عن رويفع بن ثابت الأنصاري - رضي الله عنه - مرفوعًا: "ولا يحل لامريء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنمًا حتى يقسم".
رواه أحمد في المسند (٤/ ١٠٨)، وأبو داود في سننه، كتاب النكاح، باب فِى وَطْءِ السَّبَايَا، رقم (٢١٦٠)، والطبراني في المعجم الكبير (٥/ ٢٧)، والبيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٧٣٨).
قال الألباني في إرواء الغليل (٥/ ١٤١): "وهذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات وصححه ابن حبان والبزار كما ذكر الحافظ في بلوغ المرام".
وورد عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع وعن ما في ضروعها إلا بكيل، وعن شراء العبد وهو آبق، وعن شراء المغانم حتى تقسم، وعن شراء الصدقات حتى تقبض، وعن ضربة الغائص" رواه أحمد في المسند (١٧/ ٤٧٠)، والترمذي في سننه كتاب السير عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، باب في كراهية بيع المغانم حتى تقسم رقم (١٥٦٣)، وابن ماجه في سننه، كتاب التجارات، باب النهي عن شراء ما في بطون الأنعام وضروعها حديث (٢١٩٦)، وعبد الرزاق في مصنفه (٥/ ٢٤٠) وابن أبي شيبة مصنف (٦/ ٥٠٣)، والدارقطني في سننه (٣/ ٤٠٢)، والبيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٣٣٨).

وقال الترمذي: "غريب". يعنى ضعيف، وقد بينّ وجهه ابن حزم في المحلى فقال (٨/ ٣٩٠): "جهضم، ومحمد بن إبراهيم، ومحمد بن زيد العبدى مجهولون، وشهر متروك". وأعله ابن أبى حاتم في العلل (٣/ ٥٨٧).
وقال البيهقى: "وهذه المناهي وإن كانت في هذا الحديث بإسناد غير قوى، فهي داخلة في بيع الغرر الذى نهى عنه في الحديث الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " السنن الكبرى (٥/ ٣٣٨).
وقال الحافظ فى بلوغ المرام (ص: ٣١٤): "إسناده ضعيف"، وضعفه الألباني في إرواء الغليل (٥/ ١٣٢).

<<  <   >  >>