للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}، واستثنى الله من الوعيد اثنين: المتحرِّف إلى قتال، والمتحيِّز إلى فئة.

فأما التحرُّف للقتال: فهو أن يعدل عن القتال إلى موضع هو أصلح للقتال، بأن ينتقل من مضيق إلى سعة، ومن أرضٍ غليظة إلى أرض سهلة، ومن معطشة إلى ماء، ومن استقبال الريح والشمس إلى استدبارهما، ومن موضع كمين إلى حرز، أو من نزلة إلى علو، أو ليستند إلى جبل، أو يولي هاربًا ليعود طالبًا؛ لأن الحرب هرب وطلب وكرّ وفرّ، فهذا وما شاكله هو التحرُّف لقتال (١).

وأما التحيز إلى فئة: فهو أن يولي؛ لينضم إلى طائفة من المسلمين؛ ليعود معهم محاربًا وسواء كانت الطائفة قريبة أو بعيدة (٢).

ومذهب عامة الفقهاء أن من فرّ من موقع المعركة مع كون العدو لا يصل إلى ضعف المسلمين قوة أو عددًا، وبلا قصد التحرّف لقتال أو التحيز إلى فئة؛ بل بقصد الفرار من المعركة مطلقًا على ألا يعود أنه عاصٍ لله تعالى (٣)، وهو ما قرره الإمام الصيدلاني - رحمه الله - (٤).

* * *


(١) انظر: الحاوي الكبير (١٤/ ١٨٢)، المغني (٩/ ٣١٨).
(٢) انظر: الحاوي الكبير (١٤/ ١٨٢).
(٣) انظر: انظر: الاختيار لتعليل المختار (٤/ ١١٧)، القوانين الفقهية (ص: ٩٧)، روضة الطالبين (١٠/ ٢١٤)، كشاف القناع (٣/ ٣٧)، تفسير القرطبي (٧/ ٣٨٠)، الإنجاد في أبواب الجهاد للقرطبي (ص: ٢٠٧).
(٤) في نهاية المطلب (١٧/ ٤٥٢): "ولفظ الصيدلاني في مجموعه: "أنه متى فرّ على قصد أن يعود إلى الجهاد إذا وجد أعوانًا وقوة، فليس بعاصٍ، وإنما العاصي من يفرّ على قصد ألا يعود، بل يعصي إمامه إذا أمره بالعود".

<<  <   >  >>