قيل للشافعي: أفرأيت إن قال قائل: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قد صدق إنما تركه لمعرفته بصدقه لا بأن فعله، كان يحتمل الصدق وغيره؟ فيقال له: قد علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن المنافقين كاذبون، وحقن دماءهم بالظاهر، فلو كان حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاطب بالعلم بصدقه كان حكمه على المنافقين القتل بالعلم بكذبهم، ولكنه إنما حكم في كلٍّ بالظاهر، وتولى الله - عز وجل - منهم السرائر، ولئلا يكون لحاكم بعده أن يدع حكمًا له مثل ما وصفت من علل أهل الجاهلية، وكل ما حكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو عام حتى يأتي عنه دلالة على أنه أراد به خاصًا أو عن جماعة المسلمين الذين لا يمكن فيهم أن يجعلوا له سنة، أو يكون ذلك موجودًا في كتاب الله - عز وجل - " الأم للشافعي (٤/ ٢٦٤). (١) انظر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ٨٦). (٢) سورة الأنفال: ٢٧. (٣) وذلك في نقض بني قريظة العهد "لما أتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحاصرهم خمسًا وعشرين يومًا، فلما اشتد حصرهم، واشتد البلاء عليهم، قيل لهم: انزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستشاروا أبا لبابة، فأشار إليهم: أنه الذبح، فقالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ، فنزلوا على حكم سعد، ... الخ" رواه ابن حبان في صحيحه (١٥/ ٥٠٠)، قال الحافظ في الفتح (١١/ ٤٣): "وسنده حسن "وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (١/ ٨). وفي التفسير من سنن سعيد بن منصور (٥/ ٢٠٦): "نزلت هذه الآية: {لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} [الأنفال: ٢٧] قال: سألوا أبا لبابة بن عبد المنذر بنو قريظة يوم قريظة: ما هذا =