للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة:

أن الله تعالى سماه الله مؤمنًا مع ما فعله، فدل أنه ليس بناقضٍ لإيمانه، فكذلك الذمي إذا فعله لا يكون ناقضًا لأمانه وعهده (١).

٢. وحديث أبي لبابة بن المنذر رضي الله عنه، وفيه نزل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٢)، وقصته فيما أخبر به بني قريظة معروفة (٣).


= مباين في عظمته لجميع الآدميين بعده، فإذا كان من خابر المشركين بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد غرتهم، فصدقه ما عاب عليه الأغلب مما يقع في النفوس، فيكون لذلك مقبولًا، كان من بعده في أقل من حاله وأولى أن يقبل منه مثل ما قبل منه.
قيل للشافعي: أفرأيت إن قال قائل: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قد صدق إنما تركه لمعرفته بصدقه لا بأن فعله، كان يحتمل الصدق وغيره؟
فيقال له: قد علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن المنافقين كاذبون، وحقن دماءهم بالظاهر، فلو كان حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاطب بالعلم بصدقه كان حكمه على المنافقين القتل بالعلم بكذبهم، ولكنه إنما حكم في كلٍّ بالظاهر، وتولى الله - عز وجل - منهم السرائر، ولئلا يكون لحاكم بعده أن يدع حكمًا له مثل ما وصفت من علل أهل الجاهلية، وكل ما حكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو عام حتى يأتي عنه دلالة على أنه أراد به خاصًا أو عن جماعة المسلمين الذين لا يمكن فيهم أن يجعلوا له سنة، أو يكون ذلك موجودًا في كتاب الله - عز وجل - " الأم للشافعي (٤/ ٢٦٤).
(١) انظر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ٨٦).
(٢) سورة الأنفال: ٢٧.
(٣) وذلك في نقض بني قريظة العهد "لما أتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحاصرهم خمسًا وعشرين يومًا، فلما اشتد حصرهم، واشتد البلاء عليهم، قيل لهم: انزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستشاروا أبا لبابة، فأشار إليهم: أنه الذبح، فقالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ، فنزلوا على حكم سعد، ... الخ" رواه ابن حبان في صحيحه (١٥/ ٥٠٠)، قال الحافظ في الفتح (١١/ ٤٣): "وسنده حسن "وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (١/ ٨).
وفي التفسير من سنن سعيد بن منصور (٥/ ٢٠٦): "نزلت هذه الآية: {لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} [الأنفال: ٢٧] قال: سألوا أبا لبابة بن عبد المنذر بنو قريظة يوم قريظة: ما هذا =

<<  <   >  >>