للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صناديد نجد وتدعنا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم» فجاء رجل فقال: اتق الله، يا محمد، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فمن يطع الله إن عصيته، أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني؟ » قال: ثم أدبر الرجل، فاستأذن رجل من القوم في قتله - يرون أنه خالد بن الوليد - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من ضئضئ (١) هذا قومًا يقرؤون القرآن، لا يجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» (٢).

وجه الدلالة:

أن كل من لمز النبي - صلى الله عليه وسلم - في حكمه أو قسمه، فإنه يجب قتله، كما أمر به في حياته، وبعد موته، وأنه إنما عفا عن ذلك اللامز في حياته، كما قد كان يعفو عمن يؤذيه من المنافقين، لما علم أنهم خارجون في الأمة لا محالة، وأن ليس في قتل ذلك الرجل كثير فائدة، بل فيه من المفسدة ما في قتل سائر المنافقين وأشد (٣).

وقد يناقش:

بأن عدم قتله يشكل على هذا الاستدلال؛ إذ لو ارتد ما نفعته صلاته.

أجيب:

بأنه إنما مُنع قتله، وإن كان قد استوجب القتل؛ لئلا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه، ولا سيما من صلى (٤).


(١) الضئضئ: النسل والعقب. فتح الباري (١٢/ ١٦٢)
(٢) رواه البخاري في صحيحه، كتاب استتابة المرتدين، باب قتل الخوارج. رقم (٦٩٣١)، ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج، رقم (١٠٦٤).
(٣) الصارم المسلول (ص: ١٨٧ - ١٨٨).
(٤) انظر: فتح الباري لابن حجر (٨/ ٦٩)، عمدة القاري (١٨/ ٩).

<<  <   >  >>