للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: «هذه في عائشة وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - (١)، ولم يجعل لمن فعل ذلك توبة، وجعل لمن رمى امرأة من المؤمنات من غير أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - التوبة»، ثم قرأ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٢)، «فجعل لهؤلاء توبة»، {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٣)، «فجعل لمن قذف امرأة من المؤمنين التوبة، ولم يجعل لمن قذف امرأة من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - توبة»، ثم تلا هذه الآية {لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (٤)، «فهمَّ بعض القوم أن يقوم إلى ابن عباس؛ ليقبِّل رأسه من حُسن ما فسّر» (٥).

فهذا ابن عباس قد بيَّن أن من لعن هذه اللعنة لا توبة له، واللعنة الأخرى أبلغ منها.

يقرره أن قاذف أمهات المؤمنين إنما استحق هذه اللعنة على قوله لأجل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعلم أن مؤذيه لا توبة له (٦).

٣. وقوله سبحانه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} (٧). وهذا السابّ محاربٌ لله ورسوله محادٌّ لله ورسوله، وأن المحادّ لله ورسوله مشاق لله ورسوله محارب لله ورسوله، ولأن المحارب ضد المسالم، والمسالم الذي تسلم منه ويسلم منك، ومن آذاه لم يسلم منه فليس بمسالم فهو محارب، وإذا كان هذا الساب محاربًا لله ورسوله، ساعيًا في الأرض بفساد، وجب أن يعاقب بإحدى العقوبات المذكورة في الآية، إلا أن يتوب قبل القدرة عليه، وقد تقرر أنَّ عقوبته متعينة بالقتل كعقوبة من قتل في قطع الطريق، فيجب أن يقام ذلك عليه إلا أن يتوب قبل القدرة عليه، وهذا


(١) يعني خاصة، انظر: الصارم المسلول (ص: ٣٣٨).
(٢) سورة النور: ٤.
(٣) سورة النور: ٥.
(٤) سورة النور: ٢٣.
(٥) رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٧/ ٢٢٩)، والطبراني في المعجم الكبير (٢٣/ ١٥٣).
(٦) الصارم المسلول (ص: ٣٣٨).
(٧) سورة المائدة: ٣٣.

<<  <   >  >>