للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان يعفو عمن سبه ممن لا خلاف بين الأمة في وجوب قتله إذا فعل ذلك، وتعذر عفو النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه، وقد ذكرنا أيضًا أن حديث عبد الله بن خطل (١) يدل على قتل الساب؛ لأنه كان مسلمًا فارتد وكان يهجوه فقتل من غير استتابة (٢).

٦. واستدلوا بكثير من مثل هذه الأحاديث والآثار التي تفيد قتل المرتد من غير استتابة (٣).

٧. وقالوا: إن سب النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تعلق به حق آدمي، والعقوبة الواجبة لآدمي لا تسقط بالتوبة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - تلحقه المعرة والغضاضة بالسب، فلا تقوم حرمته وتثبت في القلوب مكانته إلا باصطلام سابه؛ لِمَا أنّ هجوه وشتمه ينقص من حرمته عند كثير من الناس، ويقدح في مكانه في قلوب كثيرة، فإن لم يحفظ هذا الحمى بعقوبة المنتهك وإلا أفضى الأمر إلى فساد، وتقبل توبة سابّ الله تعالى؛ لأنه - سبحانه وتعالى - لا تلحقه بالسب غضاضة، ولا معرة وإنما يعود ضرر السب على قائله وحرمته في قلوب العباد أعظم من أن يهتكها جرأة الساب، وبهذا يظهر الفرق بينه وبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - (٤).

الترجيح:

لا شك أن المسألة تتجاذبها أدلة قوية من كلا الطرفين، والذي يظهر رجحانه-والعلم عند الله- القول بقبول توبته، وعدم قتله (٥)، وذلك لأمور منها:

١. عموم الأدلة التي تنص على قبول توبة المرتد.

٢. إذا كان الإسلام والتوبة تهدم الكفر فالسب متضمن للكفر؛ إذ الكافر أقل أحواله الاستخفاف وعدم الاقتناع بما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو رمي بالعيب والتنقص لدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبالتالي تنقص بكمال عقله - صلى الله عليه وسلم -، وقد صرّح جلُّ الكافرين بسبِّه، كما قال


(١) تقدم (ص: ٣٦٢).
(٢) الصارم المسلول (ص: ٣٤٠ - ٣٤١).
(٣) الصارم المسلول (ص: ٣٤٠) وما بعدها، وينظر رسالة ماجستير بأم القرى (موقف الصحابة - رضي الله عنهم - من الردة والمرتدين) لفهد القرشي.
(٤) انظر: الصارم المسلول (ص: ٥٤٨)
(٥) وبه أفتت اللجنة الدائمة، (ابن باز- عفيفي- غديان) فتوى رقم (٩٤٠٧).

<<  <   >  >>