للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الأول: أن صاحب الأرض لا يصير مالكًا بذلك، وهو قول الحنفية، والأصح عند الشافعية، ومذهب الحنابلة (١)، واختاره الصيدلاني (٢).

قال الحنفية: من أخذ صيدًا من دار رجل أو أرضه فهو له (٣).

وقال الشافعية: إذا قلنا: لا يملكه صاحب الدار، فهو أولى بتملكه، وليس لغيره أن يدخل ملكه ويأخذه. فإن فعل، فهل يملكه؟ وجهان كمن تحجر مواتًا وأحياه غيره، هل يملكه؟ وهذه الصورة أولى بثبوت الملك؛ لأن التحجر للإحياء، ولا يقصد ببناء الدار تملك الصيد الواقع فيها (٤).

القول الثاني: يملكها مالك الأرض، وهو ظاهر قول المالكية ووجه عند الشافعية (٥).

أدلة القول الأول:

١. قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الصَّيْد لمن أَخذه» (٦).


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٢٥٠ - ٢٥١)، حاشية ابن عابدين (٦/ ٤٦٣)، منهاج الطالبين (ص: ٣١٩)، روضة الطالبين (٣/ ٢٥٥)، الشرح الكبير على المقنع (٢٧/ ٤١٠)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٤٣٣).
(٢) في نهاية المطلب (١٨/ ١٥١): "لو سقى الرجل أرضًا له، أو وقع الماء على أرضه من غير قصده، فتخطى فيها صيدٌ وتوحَّل، وصار مقدورًا عليه، فالذي رأيته للأصحاب أن صاحب الأرض لا يصير مالكًا بما جرى له؛ لأن مثل هذا ليس مما يقصد به الاصطياد، والقصودُ مرعيَّة في أمثال هذه التملّكات. وذكر الصَّيدلاني وجهين: أحدهما - ما ذكرناه وهو الذي اختاره وصحَّحه".
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٢٥٠).
(٤) انظر: روضة الطالبين (٣/ ٢٥٥).
(٥) انظر: المدونة (١/ ٥٣٩)، الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي (٢/ ١١٠)، نهاية المطلب (١٨/ ١٥١)، روضة الطالبين (٣/ ٢٥٥).
(٦) قال الإمام الزيلعي - رحمه الله -: "غريب" نصب الراية (٤/ ٣١٨).
والإمام الزيلعي في تخريجه لأحاديث الهداية إذا قال عن حديث: "غريب" فهو يعني "لا أصل له"، وهو اصطلاح خاص به، قاله الشيخ الألباني - رحمه الله - في سلسلة الأحاديث الضعيفة (٢/ ٤٤) وغيرها.

وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: "لم أجد له أصلًا وأما ما ذكره ابن حمدون في التذكرة الأدبية له أن إسحاق الموصلي قال دخل الفضل بن الربيع على الرشيد فذكر قصة فيها أن بعض حواريه قالت: حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رفعه «الصيد لمن أخذه لا لمن أثاره»، وأن أخرى حدثته عن مالك عن الزهري عن عبد الله بن ظالم عن سعيد بن زيد رفعه «من أحيا أرضًا ميتة فهي له»، فالحديث الأول لا أصل له بهذا الإسناد ولا بغيره، وأما الثاني فقد تقدم من وجه آخر عن سعيد بن زيد وغيره والحكاية موضوعة" الدراية في تخريج أحاديث الهداية (٢/ ٢٥٦).

<<  <   >  >>