للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عند المهدى إليه، ودلت على شرف نفس المهدي وكبر همته، وكان في ذلك تفاؤلًا بكبر نفس المولود وعلو همته وشرف نفسه.

تعليل القول الثالث:

١. مخالفة لفعل أهل الجاهلية، وإنما كانوا يقطعونها من المفاصل مخافة إصابة الولد، فنسخه الإسلام (١).

٢. ولأنه طيرة (٢) وقد نهي عنها (٣).

الترجيح:

الراجح- والله أعلم- القول بجواز كسر عظمها، والأولى عدم كسرها، لاحتمال ثبوت ذلك موقوفًا عن عائشة - رضي الله عنها - في نفس الأمر وإن كان قد وَصلتنا الرواية عن عائشة بسند فيه مقال.

والقول بأن عدم كسرها نوع من التطير غير ظاهر؛ لأن عدم كسرها تفاؤلًا وليس تشاؤمًا، والفرق بينهما أن التطير باعث على العمل، وأما الفأل حاثّ ومنشِّط على العمل (٤)، وبهذا يُعلم أنّ القول بأنَّ عدم كسر عظم العقيقة موافق لما عليه الجاهلية أمرٌ لا يُسعفه الثبوت، ولا المعنى.


(١) انظر: المنتقى شرح الموطأ (٣/ ١٠٣)، الفواكه الدواني (١/ ٣٩٣)، بداية المجتهد (٣/ ١٦).
(٢) الطيرة: التشاؤم بمرئي، أو مسموع، أو زمان، أو مكان. انظر: فتح الباري (١٦/ ٢٨٥)، القول المفيد على كتاب التوحيد (١/ ١٠٣).
(٣) الحاوي الكبير (١٥/ ١٣٠) فتح الباري (١٦/ ٢٨٥).
(٤) قال صاحب فتح المجيد (ص: ٣١٠ - ٣١١، ٣١٥ - ٣١٦): "وفي الصحيحين عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل. قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة» بيّن - صلى الله عليه وسلم - أن الفأل يعجبه، فدل على أنه ليس من الطيرة المنهي عنها. وفي الحديث «إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك». هذا حد الطيرة المنهي عنها: أنها ما يحمل الإنسان على المضي فيما أراده، ويمنعه من المضي فيه كذلك. وأما الفأل الذي كان يحبه النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه نوع بشارة، فيسر به العبد، ولا يعتمد عليه بخلاف ما يمضيه أو يرده، فإن للقلب عليه نوع اعتماد. فافهم الفرق، والله أعلم".

<<  <   >  >>