للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للأكل، فكان الاسم فيه حقيقة (١).

ويمكن أن يجاب عليه:

إذا سلمنا المناقشة في السقف، يبقى مناقشة بيت العنكبوت، وكون الجبل وتدًا، والشمس سراجًا، فكلها حقيقة، ثم إن اللفظ المطلق المشترك الخالي عن الإضافة إذا أضيف إلى معين يصير معناه مناسبًا لذلك المعين حقيقة لا مجازًا (٢).

والقائلون بالحنث قالوا: ولأنه لحم حيوان فأشبه لحم الطير؛ حيث قال الله تعالى: {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} (٣).

ويمكن مناقشته:

بأن مسألتنا في اللحم المطلق عن التقييد، ولحم السمك والطير مقيد.

الترجيح:

الراجح- والله أعلم- القول الأول بأنه لا يحنث لقوة أدلتهم وإمكان مناقشة أدلة القول الثاني (٤).


(١) انظر: المغني لابن قدامة (٩/ ٦٠٨).
(٢) والخلاف في وقوع المجاز في اللغة مشهور.
(٣) سورة الواقعة: ٢١. انظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ٢٠٠)، المغني لابن قدامة (٩/ ٦٠٨).
(٤) استفتى رجلٌ سفيان الثوري - رحمه الله - فيمن حلف لا يأكل لحمًا فأكل سمكًا، فقال سفيان: يحنث لأن الله سمى السمك لحمًا {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: ١٤]
فرجع الرجل إلى أبي حنيفة - رحمه الله - فأخبره، فقال أبو حنيفة: ارجع فاسأله فيمن حلف لا يجلس على بساط فجلس على الأرض؟
فسأله، فقال: لا يحنث، فقال: أليس أنه قال تعالى {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا} [نوح: ١٩]؟ فقال له سفيان: كأنك السائل الذي سألتني أمس؟ فقال: نعم، فقال سفيان: لا يحنث في هذا ولا في الأول، فرجع عن ذلك القول. انظر: فتح القدير للكمال ابن الهمام (٥/ ١٢١).

<<  <   >  >>