للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصيدلاني (١).

تعليل القول الأول:

١. يُرجع أولًا إلى النية؛ لأنه نوى بكلامه ما يحتمله، ويسوغه في اللغة التعبير به عنه، فينصرف يمينه إليه كالمعاريض، وبيان احتمال اللفظ، أنه يسوغ في كلام العرب التعبير بالخاص عن العام، قال الله تعالى: {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (٢)، {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} (٣)، {فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} (٤)، والقطمير: لفافة النواة. والفتيل ما في شقها. والنقير: النقرة التي في ظهرها. ولم يرد ذلك بعينه، بل نفي كل شيء. وقال أحدهم يهجو قبيلة (٥): ولا يظلمون الناس حبَّة خردل

ولم يرد الحبة بعينها، إنما أراد لا يظلمونهم شيئًا. وقد يذكر العام، ويراد به الخاص، كقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} (٦) -يعني رجلًا واحدًا- {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} (٧)، يعني أبا سفيان، وَقَالَ تَعَالَى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} (٨)، ولم يرد السماء والأرض ولا مساكنهم، وإذا احتمله اللفظ، وجب

صرف اليمين إليه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وإنما لكل امرئ ما نوى» (٩)، ولأن كلام


(١) "حلف لا يأكل طعاما اشتراه زيد أو من طعام اشتراه زيد، .... ولا يحنث بما ملكه بالصلح على الصحيح وبه قطع الصيدلاني" روضة الطالبين (١١/ ٤٥ - ٤٦).
(٢) سورة فاطر: ١٣.
(٣) سورة النساء: ٤٩
(٤) سورة النساء: ٥٣.
(٥) وهو النجاشي قيس بن عمرو بن مالك الحارثي الشاعر يهجو بني العجلان، كما في تاريخ دمشق لابن عساكر (٤٩/ ٤٧٥)، والمغني لابن قدامة (٧/ ٣٨٩).
(٦) سورة آل عمران: ١٧٣.
(٧) سورة آل عمران: ١٧٣.
(٨) سورة الأحقاف: ٢٥.
(٩) رواه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي حديث رقم (١)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنية" رقم (١٩٠٧).

<<  <   >  >>