للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بوجود الفرقة من كل منهما (١).

٣. القياس على إذا ما حلف وقال: لا قمت، فقام غيره، لا يحنث (٢).

تعليل القول الثاني:

١. لأن معنى يمينه المقصود من نحو هذه اليمين أن لا تحصل بينهما فرقة، وقد حصلت، واليمين توجهت على فعل الحالف والمحلوف فيحنث (٣).

٢. القياس على ما لو حلف وقال: لا افترقنا (٤).

الترجيح:

الراجح - والله أعلم- أنه يُنظر إلى نيته، فإن نوى بقوله لا أفارق غريمي لا أفارقه أنا في خاصتي لم يكن عليه شيء إن فرّ عنه غريمه؛ لأن الأمور بمقاصدها، فإن لم تكن نية، فلا يحنث ما لم يتساهل؛ لأن فرار الغريم كالإكراه على عدم ملازمته، والشريعة لا تؤاخذ المكره، ومؤاخذة الحالف بفرار غريمه منه، وليس منه تفريط من تكليف ما لا يطاق، قال الإمام ابن تيمية - رحمه الله -: «فمن استقرأ ما جاء به الكتاب والسنة تبين له أن التكليف مشروط بالقدرة على العلم والعمل، فمن كان عاجزًا عن أحدهما سقط عنه ما يعجزه، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها» (٥).

ولأن الحنث: هو الإثم في الأصل، فكيف يأثم بفعل غيره، ونلزمه بالكفارة،

ولا قدرة عليه؟ ! .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «واليمين بالله عقد بالله فيجب الوفاء به، كما يجب في سائر العقود وأشد؛ لأن قوله: أحلف بالله، وأقسم بالله، وأولي بالله ونحو ذلك، في معنى قوله: أعقد بالله؛ لهذا عُدّي بحرف الإلصاق الذي يستعمل في الربط والعقد، فينعقد المحلوف عليه بالله، كما تنعقد إحدى اليدين بالأخرى في المعاقدة، ولهذا


(١) انظر: البيان والتحصيل (٣/ ١١٥)، أسنى المطالب (٢/ ٥٠). والتعليل الثاني توضيح للأول.
(٢) انظر: المغني (٩/ ٥٩٢).
(٣) انظر: المغني (٩/ ٥٩٢)، شرح الزركشي على مختصر الخرقي (٧/ ١٧٨ - ١٧٩).
(٤) انظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي (٧/ ١٧٩).
(٥) مجموع الفتاوى (٢١/ ٦٣٤).

<<  <   >  >>