للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأثبتهم النبي - عليه الصلاة والسلام -، فأعتق ثلث ذلك الرقيق" (١).

وفي رواية: "جَّزأهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأعتق الثلث" (٢).

قوله: "ثلث ذلك الرقيق"، يقتضي حقيقته ثلثًا شائعًا في الجميع، كما لو أقرّ، فقال: له ثلث هذا الرقيق: كان شائعًا في الكل، ولم يصدق على أنه أراد واحدًا بعينه (٣).

ب- ليس في هذا الخبر بيان موضع الخلاف بيننا؛ وذلك لأن تلك كانت قضية من النبي - عليه الصلاة والسلام - في شيء بعينه، وليس بعموم اسم يتناول ما تحته (٤).

ج- نعم، الخبر مقدم على القياس، وإنما ورد الخبر في تنجيز العتق في الحياة؛ فبقّينا الوصية على القياس في اقتضاء التشريك، ورأينا بين العتق في الحياة وبين الوصية بالعتق فرقًا يقطع أحدَهما عن الثاني، ويُخرج الوصية عن كونها في معنى العتق المنجز، والفرق الذي نبديه ناشئ من عين المقصود.

وبيانه أن القرعة تقتضي تكميل العتق لعبدٍ وتكميل الرق في عبد، وكأن للشرع غرضًا في رفع تبعّض الرق والحرية، وهذا لائق بحالة الحياة؛ فإن المريض لو أعتق بعضًا من عبد، وكان العبد بكماله خارجًا من الثلث، فعتقه الموجّه على بعض العبد يسري إلى كماله؛ فلم يبعد التكميل في الحياة، والقرعة تنبني عليه، والتكميل بعد الموت ممتنع؛ فإنه لو أوصى بإعتاق بعضٍ من عبد، وكان الثلث وافيًا بتمام العبد، فالعتق لا يسري من بعض العبد إلى كماله، فإذا جرت الوصية على القياس، وانقطعت عن مورد الخبر، تعين قياس الاشتراك في الوصية حتى لا يحرم البعض (٥).

د- وقالوا: لا وجه لتعيين المستحق بالقرعة؛ لأن تعيين المستحق بمنزلة ابتداء


(١) رواه مالك في الموطأ رواية أبي مصعب الزهري (٢/ ٤٠١)، والطحاوي كما في شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٨/ ٣٣١).
(٢) رواه الطبراني في المعجم الكبير (١٨/ ١٥٣)، والطحاوي كما في شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٨/ ٣٣١).
(٣) شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٨/ ٣٣١).
(٤) المرجع السابق (١/ ٢١١ - ٢١٢).
(٥) نهاية المطلب (١٩/ ٧٢).

<<  <   >  >>