للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها» (١).

وجه الاستدلال:

أن صحة العقد هنا متوقفة على إذن المرأة.

ولا ينافي هذا كونها قد أذنت لوليين؛ لأن من المعلوم أن إذنها لا ينصرف إلى أن يزوجها برجلين، فإن ذلك معلوم البطلان (٢).

الترجيح:

بعد التأمل في الأقوال وأدلتها يترجح -والعلم عند الله- القول الثاني بأن العقد صحيح في نفسه، ولكن لا بد من فسخ الحاكم؛ فالعقد صحيح؛ لأن الأصل في العقود الصحة واللزوم (٣)، وعدم البطلان وعدم الاعتراض.

ولا بد من فسخ الحاكم؛ لأنه لا بد من ارتفاع أحد النكاحين، ولا يمكن الجزم بارتفاع أحدهما إلا بالحاكم، والقول بالفسخ دون حكم الحاكم قد يؤدي إلى تنازع وقطيعة الأولياء، والضغينة فيما بينهم.

وأما حديث عبد الله بن بريدة فلا أعلم أحدًا من المتقدمين صححه، وعلى القول بصحته فإن صورة المسألة الواردة فيه تختلف عن صورة مسألتنا؛ فالمسألة الواردة في الحديث هي عقد نكاح واحد من ولي واحد، وإجازة المرأة فيه له أصل في الشرع كالبيع الفضولي وغيره على الصحيح.

ومسألتنا في عقدين من وليين، ولا يمكن الجمع بين العقدين اتفاقًا؛ لأنَّ المحل لا يقبل الاشتراك.

والقول الرابع بالتخيير دون البطلان قول له وجهة، ونتيجته هو القول بفسخ أحد العقدين دون الآخر، إلا أن القول بفسخ النكاحين أولًا، أقرب لحسم مادة النزاع،


(١) رواه مسلم في صحيحه، كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت رقم (٣٥٤١).
(٢) انظر: السيل الجرار (ص: ٣٦٦).
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (٢٩/ ٤٦٦)، الفروق للقرافي (٤/ ١٣)، إعلام الموقعين (٣/ ١٠٧)، المنثور في القواعد الفقهية (٢/ ٤١٢).

<<  <   >  >>