للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها: تعجيل عقوبة الكاذب المنكر لما عليه من الحق، فإن اليمين الغموس (١) تدع الديار بلاقع (٢)، فيشتفي بذلك المظلوم عوض ما ظلمه بإضاعة حقه، والله أعلم" (٣).

الترجيح:

الراجح -والله أعلم- ما ذهب إليه الجمهور؛ لقوة ما استدلوا به، ولأن الأصل في الفروج والأبْضاع التحريم (٤) وعدم استحقاقها حتى يُتيقن الحل، ولا تحلّ إلا بعقد نكاح أو ملك يمين، والنكاح في مسألتنا مجرد دعوى بلا بينة ولا قرينة، فيبقى الأمر كأن لم يكن؛


(١) اليمين الغموس: هي اليمين الكاذبة الفاجرة، كالتي يقتطع بها الحالف مال غيره. سميت غموسًا، لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار. انظر: شرح السنة للبغوي (١/ ٨٥)، النهاية لابن الأثير (٣/ ٣٨٦)، فيض القدير (٢/ ٥٣٦).
(٢) ورد مرفوعًا «اليمين الغموس الكاذبة تدع الديار بِلَاقِعَ» وورد بلفظ «ليس شيء أُطيع الله فيه أعجل ثوابًا من صلة الرحم، وليس شيء أعجل عقابًا من البغي، وقطيعة الرحم واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع».
رواه الدولابي في الكنى والأسماء (٣/ ١١٨٥)، الطبراني في المعجم الأوسط (٢/ ١٩)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٦٣)، والشهاب القضاعي في مسنده (١/ ١٧٦) اليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع (٢٥٥).
قال البيهقي: "والحديث مشهور بالإرسال"، وقال الألباني: "وجملة القول أن الحديث بمجموع هذه الطرق والشواهد صحيح ثابت" انظر: السلسلة الصحيحة (٢/ ٦٦٩ - ٦٧٢) رقم (٩٧٨).
البَلَاقِع: جَمْعُ بَلْقَع وبَلْقَعَة وهي الأرض القَفْر التي لا شيء بها، يريد أن الحالف بها يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق. وقيل: هو أن يفرق الله شمله ويغير عليه ما أولاه من نعمه. قال النسفي: "بلاقع: يعني أنها تُخَرِّبُ الديار بالموت والجلاء".
انظر: تهذيب اللغة (٣/ ١٩١)، طلبة الطلبة (ص: ٦٧)، النهاية لابن الأثير (١/ ١٥٣)، فيض القدير (٢/ ٥٣٦).
(٣) الطرق الحكمية (ص: ٩٩).
(٤) انظر قاعدة: "الأصل في الفروج التحريم حتى يتيقن الحل" الرسالة للشافعي (١/ ٣٤٤)، الفروق للقرافي (٣/ ١٣٠)، البحر المحيط (٨/ ١١)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ٥٧).

<<  <   >  >>