للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش:

أن قولكم: "إن حضور العقد حال تحمُّلٍ لا يراعى فيه العدالة" خطأ لا يسلَّم به؛ لأن الشهادة في عقد النكاح وإن كانت تحمُّلًا فهي تجري مجرى الأداء من وجهين:

أحدهما: وجوبها في العقد كوجوبها في الأداء.

والثاني: أن يراعى فيه حرية الشهود وإسلامهم وبلوغهم كما يراعى في الأداء وإن لم تراع في تحمل غيره من الشهادات، فكذلك الفسق (١).

٦. الصدق لا يقف على العدالة لا محالة، فإن من الفسقة من لا يبالي بارتكابه أنواعًا من الفسق، ويستنكف عن الكذب، والكلام في فاسق تحرى القاضي الصدق في شهادته فغلب على ظنه صدقه - ولو لم يكن كذلك - لا يجوز القضاء بشهادته عندنا (٢).

أدلة القول الثاني على أنه يُفرَّق بينهما بقول الزوج ويرتفع النكاح:

هي نفس أدلة الجمهور القائلين بعدم انعقاد النكاح بشهادة الفاسقين، من المنقول والمعقول:

من المنقول (٣):

١ - قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (٤).

وجه الدلالة:

لما اشتُرطت العدالة في الشهادة على الرجعة وهي أخفُّ حالا من عقد النكاح، كان اشتراطها في النكاح المغلَّظ أولى (٥).

٢ - قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل» (٦).


(١) انظر: الحاوي الكبير (٩/ ٦٠).
(٢) بدائع الصنائع (٦/ ٢٧١).
(٣) انظر: الحاوي الكبير (٩/ ٦٠).
(٤) سورة الطلاق: ٢.
(٥) الحاوي الكبير (٩/ ٦٠).
(٦) رواه مرفوعًا الشافعي في مسنده (ص: ٢٢٠)، وعبد الرزاق في مصنفه (٦/ ١٩٦)، وابن أبي شيبة في مصنفه (٣/ ٤٥٥)، والطبراني في المعجم الكبير (١٨/ ١٤٢)، وابن حبان في صحيحه (٩/ ٣٨٦)، والدارقطني في سننه (٤/ ٣١٥)، والبيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٢٠٢)، وفي معرفة السنن والآثار (١٠/ ٥٤)، وابن حزم في المحلى (٩/ ٤٩). عن ابن عباس وعائشة وأبي هريرة وابن عمر وغيرهم - رضي الله عنهم -.
والحديث بزيادة (شاهدي عدل) أعله مرفوعًا الأئمة: أحمد، والعقيلي، والدارقطني، وابن المنذر، وابن عبد البر، والبيهقي، والحاكم، وابن تيمية، وابن القيم، والعلائي، - رحمهم الله -.
وصححه ابن حبان وابن حزم والألباني - رحمهم الله -.
وقد صحح إسناده موقوفًا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - الشافعي والبيهقي وابن عبد البر والألباني، وصحح وقفه على عمر - رضي الله عنه - البيهقي.
قال الشافعي - رحمه الله -: "وهو ثابت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، وتابعه البيهقي.

انظر: الأم للشافعي (٥/ ١٨٠)، الضعفاء الكبير للعقيلي (٢/ ٣٠٩)، السنن الكبرى للبيهقي (٧/ ٢٠٢، ٢٠٤)، ومعرفة السنن والآثار (١٠/ ٥٤)، سؤالات البرقاني للدارقطني (ص: ٣٨)، الإشراف لابن المنذر (٥/ ٣١)، التمهيد لابن عبد البر (١٩/ ٨٩)، الاستذكار (٥/ ٤٧١)، المحلى لابن حزم (٩/ ٤٩)، معرفة علوم الحديث للحاكم (ص: ١٣٤)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (٣/ ١٧٥)، مجموع الفتاوى (٣٢/ ٣٥، ١٢٨)، جامع التحصيل (ص: ٩٢)، إرواء الغليل (٦/ ٢٥٨ - ٢٦١)، مستدرك التعليل على إرواء الغليل (٢/ ٩٧ - ١٠٩).

<<  <   >  >>