للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحرمة، والملامسة بدون جماع دخول بلا نكاح، فلا تثبت به الحرمة (١).

ونوقش:

أأن في هذه الآية إثبات الحرمة بالدخول في النكاح، وهذا ينفي الحرمة بالدخول بلا نكاح، فكان هذا احتجاجًا بالمسكوت عنه، ولا يصح الاحتجاج بالمسكوت عنه (٢).

ب إن اسم الدخول يقع على الحلال والحرام، أو يحتمل أن يكون المراد الدخول بعد النكاح، ويحتمل أن يكون قبله، فكان الاحتياط هو القول بالحرمة، وإذا احتمل هذا واحتمل هذا فلا يصح الاحتجاج به (٣).

ج- في هذه الآية الحجة على إثبات الحرمة بالمس؛ لأنه ذكر الدخول بهن، وحقيقة الدخول بالشيء عبارة عن إدخاله في العورة إلى الحصن، فكان الدخول بها هو إدخالها في الحصن، وذلك بأخذ يدها أو شيء منها؛ ليكون هو الداخل بها، فأما بدون ذلك فالمرأة هي الداخلة بنفسها، فدل أن المس موجب للحرمة أو يحتمل الوطء ويحتمل المس، فيجب القول بالحرمة احتياطًا (٤).

٣ - قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} (٥).

فأثبت الله تعالى الصهر في الموضع الذي أثبت فيه النسب، فلما لم يثبت بالزنا النسب لم يثبت به الصهر (٦).

٤ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يَتْبَعُ المرأةَ حرامًا، أينكح أمها؟ أو يَتْبَعُ الأم حرامًا، أينكح ابنتها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحرِّم الحرامُ الحلال، إنما يُحرِّم ما كان بنكاح حلال» (٧).


(١) انظر: بدائع الصنائع (٢/ ٢٦١)، الأم للشافعي (٥/ ١٦٤).
(٢) انظر: بدائع الصنائع (٢/ ٢٦١).
(٣) نفس المصدر.
(٤) نفس المصدر.
(٥) سورة الفرقان: ٥٤.
(٦) انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (٩/ ٢٥٥).
(٧) روي من حديث عائشة ومن حديث ابن عمر - رضي الله عنهم -.
فأما حديث عائشة فأخرجه ابن حبان في "المجروحين" (٢/ ٩٨ - ٩٩) والطبراني في "الأوسط" (٥/ ١٠٤)، وابن عدي في الكامل (٦/ ٢٧١)، والدراقطني في سننه (٤/ ٤٠٠)، والبيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٢٧٤) من طرق عن عثمان بن عبد الرحمن الزهري الوقّاصي عن ابن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة مرفوعًا.
والوقاصي كذبه ابن معين، وقال البخاري وأبو حاتم والنسائي: "متروك"، وقال ابن المديني: "ضعيف جدًا".

وقال ابن حبان: "كان يروي عن الثقات الموضوعات لا يجوز الاحتجاج به"، وقال ابن عدي: "وعامة أحاديثه مناكير إما إسناده أو متنه منكرًا" قال أبو حاتم: "هذا حديث باطل، والمغيرة بن إسماعيل وعمر هذا: هما مجهولان". وقال الألباني: "باطل".
وروى عبد الرزاق في مصنفه (٧/ ١٩٩) عن معمر، عن الزهري قال: قلت لابن شهاب، أتأثره عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنكر أن يكون حدثه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن سمعه من أناس من الناس.
انظر: علل الحديث لابن أبي حاتم (٤/ ٦٣)، المجروحين لابن حبان (٢/ ٩٨)، الكامل في ضعفاء الرجال (٦/ ٢٧٣)، الكاشف (٢/ ٣٧١٧)، تهذيب التهذيب (٧/ ١٣٤)، سلسلة الأحاديث الضعيفة (١/ ٥٦٥) رقم (٣٨٨).
وأما حديث ابن عمر فأخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب النكاح، باب لا يحرم الحرام الحلال رقم (٢٠١٥)، والدارقطني في سننه (٤/ ٤٠١)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (١/ ٢٠٠)، والبيهقي في السنن (٧/ ٢٧٤) من طريق إسحاق بن محمد الفَرْوي ثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا "لا يحرم الحرام الحلال" وضعفه البوصيري والألباني لأجل عبد الله بن عمر العمري.
انظر: مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه (٢/ ١٢٣)، سلسلة الأحاديث الضعيفة (١/ ٥٦٤) رقم (٣٨٥).

<<  <   >  >>