للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حرم لأنه موصل إلى الوطء غالبًا، والوطء محرم عند الحنفية سواء أكان حلالًا أم حرامًا، كما تقدم ـ فكذلك ما أوصل إليه. فإذا أنزل الرجل بالمس فعلًا، علم أنه غير موصل إلى الوطء فلم يعط حكمه، فلم يثبت التحريم به.

٦ ـ أن لا تكون الممسوسة دون سن التاسعة، وهي سن الشهوة، وأن يكون الماس من أهل الشهوة أيضًا ـ

وفي المبسوط للسرخسي (٤/ ٢٠٨): "معنى الشهوة المعتبرة في المس والنظر أن تنتشر به الآلة أو يزداد انتشارها، فأما مجرد الاشتهاء بالقلب غير معتبر" (١).

أدلة القول الأول:

١ - عموم قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (٢).

٢ - قوله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} (٣).

وجه الدلالة:

إن تحريم الرَّبَائب في الآية معلَّقٌ بأمرين (كون الربائب لنسائنا، وكوننا دخلنا على نسائنا)، والمرأة لا تكون مضافة إلينا إلا بالنكاح، فكان الدخول بالنكاح شرط ثبوت


(١) قال ابن الهمام - رحمه الله - في فتح القدير (٣/ ٢٢٢): "وما ذُكر في حدّ الشهوة من أن الصحيح أن تنتشر الآلة أو تزداد انتشارًا هو قول السرخسي وشيخ الإسلام.
وكثير من المشايخ لم يشترطوا سوى أن يميل قلبه إليها ويشتهي جماعها، وفرع عليه ما لو انتشر فطلب امرأته فأولج بين فخذي بنتها خطأ لا تحرم عليه الأم ما لم يزدد الانتشار. ثم هذا الحدّ في حق الشاب، أما الشيخ والعنين فحدّها تحرك قلبه أو زيادة تحركه إن كان متحركًا لا مجرد ميلان النفس، فإنه يوجد فيمن لا شهوة له أصلًا كالشيخ الفاني، والمراهق كالبالغ، حتى لو مس وأقر أنه بشهوة تثبت الحرمة عليه. وكان ابن مقاتل لا يفتي بالحرمة على هذين؛ لأنه لا يعتبر إلا تحرك الآلة. ثم وجود الشهوة من أحدهما كافٍ، ولم يحدوا الحد المحرم منها في حق الحرمة وأقله تحرك القلب على وجه يشوش الخاطر".
(٢) سورة النساء: ٢٤. انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (٩/ ٢٥٥).
(٣) سورة النساء: ٢٣. انظر: المغني (٧/ ١٢٠).

<<  <   >  >>