للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا حصلت هذه الشروط جاز للحر المسلم أن يتزوج الأمة بالإجماع (١).

والأصل في ذلك قول الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} (٢).

والمسألة المراد بحثها: في حكم نكاح الأمة فيما لو لم يجد طَوْل حرة، ولكنه صادف حرة تسمح ببعض المهر، أو ترضى بمقدار من المهر؛ وثقلت عليه المِنّة.

القول الأول: لا تحل له الأمة، وهو قول الشافعية، ووجه عند الحنابلة (٣)، واختاره الصيدلاني (٤).


(١) انظر: مراتب الإجماع (ص: ٦٤)، المغني لابن قدامة (٧/ ١٣٥)، الإقناع في مسائل الإجماع (٢/ ١٢).
(٢) سورة النساء: ٢٥.
"قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} «الطول»: الغنى والسعة في قول الجماعة.
و«المحصنات»: الحرائِر، قال الزجاج: والمعنى: من لم يقدر على مهر الحرّة، يقال: قد طال فلان طَولًا على فلان، أي: كان له فضل عليه في القدرة. والمراد بالفتيات هاهنا: المملوكات، يقال للأمة: فتاة، وللعبد: فتى، وقد سُمّي بهذا الاسم من ليس بمملوك. فأما ذِكر الايمان، فشرْط في إِباحتهن، ولا يجوز نكاح الأمة الكتابية، هذا قول الجمهور، لمفهوم قوله تعالى: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} وقال أبو حنيفة: يجوز; لأنه لا يعتبر مفهوم المخالفة كما عُرف في أصوله - رحمه الله -.
انظر: زاد المسير في علم التفسير (١/ ٣٩٣)، أضواء البيان (١/ ٢٣٣ - ٢٣٨).
(٣) انظر: روضة الطالبين (٧/ ١٣٠)، أسنى المطالب (٣/ ١٥٨)، الفروع (٨/ ٢٥٥)، الإنصاف (٨/ ١٤١).
(٤) في نهاية المطلب (١٢/ ٢٥٩): "لو لم يجد طَوْل حرة، ولكنه صادف حرة تسمح ببعض المهر، أو ترضى بمقدار من المهر؛ فلو ثقلت عليه المِنّة، فهل له أن ينكح أمة؟ فيه اختلاف مشهور بين الأصحاب: فمنهم من لم يوجب عليه تقلّد المِنّة، وأباح له نكاح الأمة.

ومنهم من لم يبح له نكاح الأمة، وهذا هو الذي اختاره الصيدلاني"، وانظر: الوسيط (٥/ ١١٩)، المطلب العالي-تحقيق يوسف العمري (ص: ٢٥١).

<<  <   >  >>