وليس ببعيد أن يعزى أسباب تلك الفجوة بين الناس بعامة والشباب بخاصة من جهة، وبين العلماء والدعاة من جهة أخرى، إلى انعزال بعض الدعاة والعلماء، وإغلاق أبوابهم، وعدم مخالطتهم الناس، وتأففهم من الجلوس مع عوام الناس وفقرائهم، وحدثاء الأسنان، الأمر الذي أحدث فجوة، تغلغل من خلالها الأفكار الفاسدة، والمناهج المنحرفة (١).
بينما لو كان العالم الرباني مخالطاً للمدعوين، متابعاً للمتربين، لأدرك الأخطار أول وهلة، ولعالج الانحراف حين حدوثه، كالطبيب المتابع لمرضاه، وأما إذا أعرض الداعية أو المربي، وانعزل عن المدعوين، تفشى الداء، وصعب بعد ذلك العلاج، كالطبيب المهمل لمرضاه.
الصفة السادسة: حسن الخلق، وطيب العشرة
أهمية حسن الخلق بعامة، وفي مجال الدعوة بخاصة:
لا توجد صفة شخصية للإنسان أفضل من حسن الخلق، ولا صفة تحبب الناس به أعظم من طيب العشرة.
فقد طبع الناس على حب حسن الخلق، ولو كان من كافر، وعلى كراهية سوء الخلق، وعلى النفور من صاحبه، كائناً من كان.
(١) من الملاحظ أن الأحياء الفقيرة قلما تجد فيها عالماً فقيها .. أو داعية قديراً .. فما سر ذلك؟ ! ؟ ذلك لأن كثيراً منهم آثروا الحياة الرغيدة في الأحياء المتمدنة. على العيشة المتواضعة في الأحياء الفقيرة، ومخالطة الفقراء والصعاليك ودعوتهم.