ولا يجد الإنسان مدخلاً لقلوب الناس، كما يجده في حسن الخلق، ولا سبيلاً للاجتماع بهم والتآلف معهم، مثل طيب العشرة.
إن حسن الخلق تاج الإنسان، وجماله المعنوي.
ليس الجمال بمئزر
فاعلم وإن رُدِّيت بُرداً
إن الجمال معادن
ومناقبٌ أورثن حمداً
وقال آخر:
البس جديدك إني لابس خُلُقي ... ولا جديد لمن لا يلبس الخُلُقا
فإذا تحلى به الداعية، أضفى شعوراً من الارتياح في نفوس المدعوين، وقبولاً كبيراً لدعوة صاحبه (١).
وكم قُبلت عند الناس دعوةٌ باطلة .. لتلبيس صاحبها بنعومة ألفاظه، ولطف معشره، وكم ردت دعوة صحيحة لجفاف صاحبها، أو لسوء خلقه!
وفوق ما لحسن خلق الداعية من أثر في قبول الدعوة، فإن لحسن الخلق أثراً بالغاً في بناء المجتمعات، وصفاء قلوب أهلها، وهذه من مهمة الدعاة إلى الله، والدعاة هم البناة الحقيقيون للمجتمعات.
والمجتمعات لا تبنى بعقيدة مجردة عن الخُلُق، ويخطئ من يظن ذلك، فلا بد أن يواكب العقيدة خلق يربط الناس، ويشد ما بينهم.
وإذا كانت العقيدة لَبنات المجتمع، فإن الخُلُق ملاطها.
(١) وحتى يتضح الأمر؛ ليتصور المرء جارين له .. أحدهما كتابي ذو خلق حسن ومعشر طيب، لا يعرف مع جاره إلا الإحسان .. والجار الثاني مسلم، ذو خلق سيء ومعاملة قبيحة، لا يعرف مع جاره إلا الأذية .. فأيهما يكون المرء له أميل .. وعشرته تكون أفضل؟ ! !