وبعبارة أخرى: إن التوحيد، والتقوى، والعبادة، والدعوة المجردة عن الخلق، لا تؤلف جماعة، ولا تقيم مجتمعاً سعيداً، وإذا كان الناس سينفضون عن رسول الله لو كان فظاً غليظاً -وحاشاه - صلى الله عليه وسلم - من ذلك- فمن باب أولى أن ينفضوا عمن هو دونه.
ولهذا جاءت النصوص محذرة المسلمين بعامة، والدعاة بخاصة من مغبة سوء الخلق، لما يجر من فساد على الدعوة بخاصة، والمجتمع بعامة.
قال تعالى محذراً الدعاة، وفي مقدمتهم سيدهم عليه الصلاة والسلام من عاقبة سوء الأخلاق:{وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران: ١٥٩]، فإذا كان هذا الخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي هو سيد الموحدين، وسيد المتقين، وسيد العابدين .. فكيف بغيره.؟ ! ؟
إن الغفلة عن أهمية حسن الخُلُق في مقام الدعوة، دفع كثيراً من الناس إلى النفور من أصحابها، والصد عن الهداية، فهل نحن معتبرون؟ !
ولا غرو -بعد هذا البيان- أن كان لُبُ بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -، إتمام مكارم الأخلاق.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)) (١)، وفي رواية (مكارم الأخلاق).
معنى حسن الخلق، وطيب العشرة:
(١) حديث صحيح لغيره، رواه أحمد (٢/ ٣٨١)، وصححه الحاكم (٢/ ٦١٣) ووافقه الذهبي وغيرهما.