للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثلُهُ ففي بعضِ مِثلِهِ، ويَصيرُ وقفاً بمجرَّدِ الشراءِ، وكذا فَرَسٌ حَبيسٌ لا يَصلُحُ لغزوٍ.

(وَلَوْ أَنَّهُ)، أي: الوقفَ (مَسْجِدٌ)، ولم يُنتفَعْ به في مَوضِعِهِ؛ فيُباعُ إذا خَرِبت مَحلَّتُهُ، (وَآلَتُهُ)، أي: ويجوزُ بيعُ بعضِ آلتِهِ، وصَرفُها في عمارتِهِ، (وَمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ) مِن حُصرِهِ (١)، وزَيْتِهِ، ونفقتِهِ، ونحوِها؛ (جَازَ صَرْفُهُ إِلى مَسْجِدٍ آخَرَ)؛ لأنَّه انتفاعٌ بهٌ في جِنسِ ما وُقِفَ له، (وَالصَّدَقَةُ بِهِ عَلَى فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ)؛ «لأَنَّ شَيْبَةَ بنَ عُثْمَانَ الحَجَبِي كَانَ يَتَصَدَّقُ بِخُلْعَانِ (٢) الكَعْبَةَ»، وروى الخلَّالُ بإسنادِهِ: «أَنَّ عَائِشَةَ أَمَرَتْهُ بِذَلِكَ» (٣)،

ولأنه مالُ للهِ تعالى، لم يَبقَ له مَصرِفٌ، فصُرِف إلى المساكينِ.


(١) حُصر: جمع حصير، للذي يبسط في البيوت، وتضم الصاد وتسكن تخفيفاً. ينظر: لسان العرب ١١/ ٢٨.
(٢) كذا في جميع النسخ، والذي في المغني والمبدع وشرح المنتهى: (بخُلقان)، قال في الصحاح (٤/ ١٤٧٢): (ثوبٌ خَلَقٌ، أي: بالٍ، يستوي فيه المذكَّر والمؤنث، لأنه في أصل مصدر الأَخْلَقِ وهو الأملس، والجمع خُلْقانٌ)، وقال ابن قاسم في حاشية الروض (٥/ ٥٦٧): (بضم الخاء، جمع خَلَق بفتحتين، أي: ما بلي من ثيابها).
(٣) لم نقف عليه في كتب الخلال المطبوعة، ورواه الفاكهي في أخبار مكة (٢٢١)، والبيهقي (٩٧٣١)، من طريق علقمة بن أبي علقمة, عن أمه, قالت: دخل شيبة بن عثمان الحَجَبي على عائشة رضي الله تعالى عنها , فقال: يا أم المؤمنين إن ثياب الكعبة تجتمع علينا فتكثر، فنعمد إلى آبار فنحتفرها فنعمقها ثم ندفن ثياب الكعبة فيها كيلا يلبسها الجنب والحائض، فقالت له عائشة رضي الله تعالى عنها: ما أحسنت ولبئس ما صنعت، إن ثياب الكعبة إذا نُزعت منها لم يضرها أن يلبسها الجنب والحائض، ولكن بِعْها واجعل ثمنها في المساكين وفي سبيل الله. قالت: فكان شيبة بعد ذلك يرسل بها إلى اليمن فتباع هناك، ثم يجعل ثمنها في المساكين وفي سبيل الله وابن السبيل .. قال ابن حجر: (في إسناده راوٍ ضعيف، وإسناد الفاكهي سالم منه)، وذلك أن الرواي عن علقمة عند البيهقي هو عبد الله بن المديني.
وضعف الألباني الأثر: بجهالة أم علقمة، وضَعْف عبد الله والد علي بن المديني.
ورواه الفاكهي (٢١١)، من طريق ابن خثيم، حدثني رجل من بني شيبة قال: رأيت شيبة بن عثمان يقسم ما سقط من كسوة الكعبة على المساكين. ينظر: فتح الباري ٣/ ٤٥٨، الإرواء ٦/ ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>