للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(سَاتِرٍ لِلمَفْرُوضِ)، ولو بِشَدِّه أو شَرْجِهِ؛ كالزُّرْبولِ (١) الذي له ساقٌ وعُرىً يدخُلُ بعضُها في بعضٍ، فلا يمسحُ ما لا يَسترُ محلَّ الفرضِ لقِصَرِه، أو سَعَتِه، أو صَفائِه، أو خَرْقٍ فيه وإن صَغُر، حتى موضعِ الخَرزِ، فإن انضمَّ ولم يَبْدُ منه شيءٌ؛ جاز المسحُ عليه.

(يَثْبُتُ بِنَفْسِهِ)، فإن لم يثْبُتْ إلا بشدِّه؛ لم يجُزْ المسحُ عليه، وإن ثَبَت بنعلَيْن مَسَح إلى خَلْعِهما ما دامت مُدَّتُه، ولا يجوزُ المسحُ على ما يَسقطُ.

(مِنْ خُفٍّ)، بيانٌ لـ (طَاهِرٍ)، أي: يجوزُ المسحُ على خفٍ يُمْكِنُ متابعةُ المشي فيه عُرفاً، قال الإمامُ أحمدُ: (ليس في قلبي مِن المسحِ شيءٌ، فيه أربعون حديثاً عن رسولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (٢)، (وَجَوْرَبٍ صَفِيقٍ)، وهو ما يُلبسُ في الرِّجْلِ على هيئةِ الخفِّ مِن غيرِ الجلدِ؛ لـ «أَنَّهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ» رواه أحمدُ وغيرُه، وصحَّحه الترمذي (٣)،

(وَنَحْوِهِمَا)، أي: نحوِ الخفِّ والجَوْرَبِ،


(١) قال في تاج العروس (٣٥/ ١٣٤): (الزربول: وهو ما يلبس في الرجل، مولدة).
(٢) المغني (١/ ٢٠٦)، تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي (١/ ٣٢٤).
(٣) رواه أحمد (١٨٢٠٦)، وأبو داود (١٥٩)، والنسائي في رواية ابن الأحمر كما في تحفة الأشراف (٨/ ٤٩٣)، والترمذي (٩٩)، وابن ماجه (٥٥٩)، وابن خزيمة (١٩٨)، وابن حبان (١٣٣٨)، من طريق أبي قيس الأودي، عن هزيل بن شرحبيل، عن المغيرة بن شعبة. وقال الترمذي: (حديث حسن صحيح)، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والألباني.

ونقل البيهقي وابن القيم تضعيف الحديث عن سفيان الثوري، وأحمد، وعلي بن المديني، وعبدالرحمن بن مهدي، وابن معين، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، وقال بعد رواية الحديث: (ما نعلم أحداً تابع أبا قيس على هذه الرواية، والصحيح عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين)، وقال الإمام مسلم: (أبو قيس الأودي وهزيل بن شرحبيل: لا يحتملان هذا مع مخالفتهما الأجلة الذين رووا هذا الخبر عن المغيرة، فقالوا: مسح على الخفين)، وضعَّف الحديث البيهقي والنووي.
قال ابن المنذر: (روي إباحة المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وأبي مسعود، وأنس بن مالك، وابن عمر، والبراء بن عازب، وبلال، وأبي أمامة، وسهل بن سعد)، قال ابن القيم: (وزاد أبو داود: وأبو أمامة , وعمرو بن حريث , وعمر , وابن عباس، فهؤلاء ثلاثة عشر صحابياً، والعمدة في الجواز على هؤلاء رضي الله عنهم، لا على حديث أبي قيس). ينظر: الأوسط ١/ ٤٦٢، السنن الكبرى ١/ ٤٢٥، خلاصة الأحكام ١/ ١٢٩، تهذيب السنن لابن القيم ١/ ٨٥، نصب الراية ١/ ١٨٤، صحيح أبي داود ١/ ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>