للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ أَتَى) مُصلِّي الكسوفِ (فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ، أَوْ أَرْبَعٍ، أَوْ خَمْسٍ؛ جَازَ)؛ روى مسلمٌ مِن حديثِ جابرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ» (١)،

ومِن حديثِ ابنِ


(١) رواه مسلم (٩٠٤)، من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر، وقد ذهب إسحاق بن راهويه، وابن خزيمة، وأبو بكر الضبعي، والخطابي، وابن المنذر، والنووي، وغيرهم إلى تصحيح الأخبار الواردة في أعداد ركوعات صلاة الكسوف، وأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها مرات.
وذهب الشافعي، وأحمد، والبخاري، والبيهقي، وأبو بكر الخلال، وقدماء أصحابه، وابن تيمية، ونصره ابن القيم والألباني، إلى ترجيح الأحاديث الواردة بأنه ركع ركوعين، وتغليط جميع الروايات الأخرى في عدد ركوعات صلاة الكسوف، عملاً بالروايات الأكثر، مع ظهور الأدلة في كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة، ولم يأت ما يدل على أنه صلاها أكثر من مرة.
ورواية عبد الملك هذه مخالفة لرواية أبي الزبير عن جابر عند مسلم (٩٠٤)، التي فيها: «فكانت أربع ركعات وأربع سجدات»، ورواية أبي الزبير موافقة للأحاديث الأخرى الدالة على أنه ركع في كل ركعة ركوعين، كما في حديث عائشة وأسماء بنتي أبي بكر، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وأبي هريرة وغيرهم.

ولذا حكموا على رواية عبد الملك بالشذوذ، ولعل الغلط من عبد الملك بن أبي سليمان، فهو وإن كان من الحفاظ، إلا أن ابن القيم قال عنه عند بيان علة الحديث: (أُخذ عليه الغلط في غير حديث)، وقال الحافظ: (صدوق له أوهام)، ثم إن حديث عبد الملك بن أبي سليمان فيه التصريح أن ذلك كان يوم موت إبراهيم، مما يمنع القول بتعدد القصة. ينظر: السنن الكبرى للبيهقي ٣/ ٤٦٠، زاد المعاد ١/ ٤٣٦، تقريب التهذيب ص ٣٦٣، صلاة الكسوف للألباني ص ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>