للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} (١) أنه قال: هذا مما كان ابنُ عبّاس يَكْتمُهُ (٢). فهل يجوز أن يكون يكتمُهُ إلا وهو يَعْلَمُهُ؟ وإذا كان يَعْلَمُهُ فقد علم بعضَ المتشابِهِ إذ كان المحكم لا يُكْتَمُ، ولا يَقَعُ فيه الإشْكالُ، وإذا جاز أن يَعْلَمَ بعضَ المتشابِهِ معٍ قولِ اللهِ: {لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} (٣) على تاويلِكَ جازَ أن يعلَمَهُ كلَّهُ بعدُ، فإنهُ ليس لأحدٍ أن يَحْتَجَّ علينا بقراءَةِ ابنِ عبّاسٍ، ولم تَثْبُتْ في مصاحِفِنا لا سيما، والروايات تُخالِفُها، وابن عباس في رواية أخرى يقول: "كل القرآنِ أعْلمُ إلّا أربعًا: حنانًا، والأوّاه، وغسلين، والرقيم" (٤) وقوله: "كُلَّ القرآن أعْلَمُ" يدل على علمه بالمتشابه؛ لأنّهُ ليسَ في معرفتِهِ للمُحْكَمِ فضلٌ على غيرِهِ من أهلِ العلم، وإنّما يَقَعُ الفَضْلُ لمعرفتِهِ بالمتشابِه، وأصحابُ ابنِ عَبّاسٍ على مثلِ ذلك.

روى ابنُ مَسْعودٍ (٥) عن شِبْلٍ (٦) عن ابنِ أبي نَجيحٍ (٧)، عن مُجاهدٍ (٨) في


= أكمه، قال الإمام أحمد بن حنبل: قتادة أحفظ أهل البصرة وكان مع علمه بالحديث، رأسًا في العربية ومفردات اللغة وأيام العرب والنسب. وكان يرى القدر، وقد يدلّس في الحديث مات بواسط في الطاعون سنة ١١٨ هـ. الأعلام ٥/ ١٩٨.
(١) سورة القصص الآية ٨٥.
(٢) القرطبي ١٣/ ٣٢١.
(٣) هكذا في الأصل. والآية هي "وما يعلم تأويله إلا الله" انظر سورة آل عمران الآية ٧.
(٤) انظر تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص ٧٣، والقرطبي ١٠/ ٣٥٦.
(٥) سبقت ترجمته.
(٦) شبل هو ابن عباد المكي القارئ: محدث، ثقة، توفي سنة ١٤٨ تهذيب التهذيب ٤/ ٣٠٥.
(٧) ابن أبي نجيح، واسم أبيه يسار مولى الأخنس بن شُريق الصحابي: الإمام الثقة المفسر، وهو مفتي مكة بعد عمر بن دينار وكان جميلًا فصيحًا، حسن الوجه، معتزليًّا، لم يتزوج قط، وتوفي سنة ١٣١ هـ. السير ٦/ ١٢٥.
(٨) هو أبو الحجاج المكي، مولى بني مخزوم: تابعي مفسر من أهل مكة قال الذهبي شيخ =

<<  <   >  >>