للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون المتولي لذلك الأمير طومان باي الخاصكي، وكان الخاصكي إذ ذاك بالمملكة الشامية، فانتظر حضوره، وكان من تقدير الله تعالى أن الذي تسبب في بروز المرسوم الشريف بالكشف على النائب جمال الدين يوسف بن ربيع، أمين الحكم بالقدس الشريف، فلما وصل المرسوم بذلك وشرع في تدبير الأمور، وترتيب الشكاة إلى أن حضر الخاصكي للقدس، وقدر الله وفاة جمال الدين بن ربيع في ثالث عشري جمادى الأولى قبل حضور الخاصكي، وصادف يوم وفاته ورود خلعة من الأبواب الشريفة للنائب، فخرجت جنازته الذي هو جمال الدين بن ربيع إلى ماملا، والأسواق قد زينت والبشائر دقت لورود خلعة النائب ولبسها، ودخل إلى القدس في ثاني يوم وفاة ابن ربيع، وقد رأيت في ذلك اليوم العجب من حال الدنيا، فإن الناس كانوا قد اختلفوا للكشف على النائب، والقيام في نصرة جمال الدين بن ربيع من الأكابر والعوام لبغضهم في النائب، فانقلب الأمر بضده، وشرع الناس في الاحتفال بأمر النائب والركوب في خدمته وتهنئته بالخلع الواردة عليه، وشرع أهل جمال الدين بن ربيع من أولاده وعائلته وأصحابه فيما هم فيه من عقد عزائه والنياحة عليه، وتعاطى أسباب تكفينه ودفنه، والأمران في يوم واحد في ساعة واحدة (١)، فسبحان ناقض العزائم الذي لا يسأل عما يفعل.

فلما حضر الخاصكي إلى القدس خمدت الأمور بوفاة جمال الدين بن ربيع، وحضر النائب عند شيخ الإسلام الكمالي بن أبي شريف وتلطف به، وعاهد الله أن لا يعود لما صدر منه، فكتب محضر للسلطان أن النائب عائد الله على سلوك الطريق المحمودة، وأن لا يعود لما صدر منه، وكتب أهل بيت المقدس من القضاة والأعيان خطوطهم بالمحضر، وجهز على يد الخاصكي ومضى الأمر على ذلك.

وفيها حضر إلى القدس الشريف الأمير جان بلاط وعلى يده مرسوم شريف بالكشف على الأوقاف وتحرير أمرها، وحضر صحبته ملك الأمراء أقباي نائب غزة (٢) المحروسة، ودخل إلى القدس الشريف في يوم الأحد ثاني عشر شهر شعبان وجلس بالمدرسة الأشرفية بحضور شيخي الإسلام الكمالي بن أبي شريف، والنجمي بن جماعة، والناظر والنائب، والقضاة والخاص والعام، وقرئ المرسوم الشريف، وانتهى الحال على أن جمع له من الأوقاف أكثر من ألف دينار، فأخذها


(١) واحدة ب: - أ ج د هـ.
(٢) أقباي نائب غزة: أقباي الأشرفي قايتباي، تولى نيابة غزة سنة ٨٨٧ هـ/ ١٤٨٢ م، ينظر: السخاوي، الضوء ٢/ ٣١٣؛ عطا الله ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>