للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السرور وزال عنهم ما كان من الغم بسبب غرق البطسة، فإن حريق الدبابة كان يوم وصول خبر غرق البطسة (١).

ثم وقع وقعات في هذا الشهر، وكانت العلامة بين عساكر (٢) السلطان وبين المقيمين بعكا عند زحف العدو دق الكؤوس فإذا سمعت أدركهم العسكر.

فوقع لهم عدة وقعات، فمن ذلك وقعة في يوم الجمعة تاسع عشر الشهر اشتد فيها القتال إلى وقت الظهر حتى حمي الحر فافترق الفريقان، ورجع كل إلى مخيمه.

ووقعة في يوم الاثنين الثالث والعشرين من الشهر حصر العدو البلد واستشهد اثنان من المسلمين، وقتل جماعة من المشركين. ووقعة في اليوم الثامن والعشرين من الشهر خرج العدو فارسا (٣) وراجلا وركب السلطان واشتد الأمر واستشهد من المسلمين بدوي وكردي وهلك خلق كثير من المشركين، وأسر منهم فارس بفرسه.

ووقعة في يوم الأحد التاسع والعشرين من الشهر طال فيها القتال وأسر الكفار من المسلمين واحدا فأحرقوه، وأسر المسلمون منهم واحدا وأحرقوه. قال العماد الكاتب (٤): وشاهدنا النارين في حالة واحدة يشتعلان والصفان واقفان يقتتلان (٥).

[ذكر المركيس ومفارقته]

وفي يوم الاثنين سلخ الشهر ذكر عن المركيس أنه هرب إلى صور فإنه كان بينه وبين هنفري عداوة وأحقاد باطنية لأمور كانت بينهما فلما جاء ملك الإنكثير تظلم إليه هنفري واستعداده على المركيس، فلما علم المركيس بذلك فر منه.

[فصل]

ووصل العساكر إلى السلطان من سنجار ومن مصر، وحضر رسول من عند بعض ملوك الفرنج إلى السلطان بكلام مهمل لا طائل تحته.

ثم حضر رسل ثلاثة فأكرمهم السلطان وأحسن إليهم وكان غرض الفرنج


(١) البطسة ابن شداد، أبو شامة: البطة أ ب د هـ: - ج.
(٢) عساكر أ د هـ: عسكر ب: - ج.
(٣) فارسا أ د هـ: فارسلا ب: - ج.
(٤) العماد الكاتب الأصفهاني: أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد .. بن هبة الله، كان كاتب الإنشاء في الدولتين النورية والصلاحية، وكان ميرزا في النثر والشعر، عارفا بالأدب حافظا لدواوين العرب، ومن مؤلفاته: خريدة القصر وجريدة أهل العصر، والبرق الشامي والفتح القسي في الفتح القدسي، وتوفي سنة ٥٩٧ هـ/ ١٢٠٠ م، ينظر: ابن الأثير، الكامل ٩/ ٢٥٥ - ٢٣٦؛ أبو شامة، الذيل ٢٧؛ اليافعي ٣/ ٤٩٢؛ ابن كثير، البداية ١٣/ ٣٠؛ ابن تغري بردي، النجوم ٦/ ١٥٩ - ١٦٠.
(٥) ينظر: الأصفهاني، الفتح ٤٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>