للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملكه لدمشق ثلاثا وعشرين سنة، ولمصر نحو تسع عشرة سنة، وكان رحمة الله عليه حازما مستيقظا، غزير العقل سديد الاراء ذا مكر وخديعة حليما صبورا، وأتته السعادة واتسع ملكه وكثرت أولاده وخلف ستة عشر ولدا ذكرا غير البنات، ولم يكن عنده حاضر أحد من أولاده، فحضر إليه ابنه الملك المعظم عيسى، وكان بنابلس فكتم موته وأخذه ميتا في محفة وعاد به إلى دمشق واحتوى على جميع ما كان مع أبيه من الجواهر والسلاح، فلما وصل إلى دمشق حلف الناس وأظهر موت أبيه، وكتب إلى الملوك من إخوته وغيرهم يخبرهم بموته.

واستقر بعده في السلطنة بالديار المصرية ولده الملك الكامل (١) أبو المعالي محمد واستقر في الشام أخوه الملك المعظم عيسى بن الملك العادل أبي بكر وكانت مملكته من حدود بلد حمص إلى العريش يدخل في مملكته بلاد السواحل الإسلامية وبلاد الغور وفلسطين والقدس والكرك والشوبك وصرخد وغير ذلك.

تخريب أسوار بيت المقدس (٢)

لما توفي الملك العادل عاد الفرنج لجهة القاهرة وملكوا دمياط وهجموها في عاشر رمضان سنة ٦١٦ هـ (٣)، وأسروا من بها وجعلوا الجامع كنيسة، واشتد طمعهم في الديار المصرية.

فلما رأى الملك المعظم عيسى ذلك، خشي أن يقصدوا القدس فلا يقدر على منعهم، فأرسل الحجارين والنقابين، وشرعوا في تخريبه في سنة ٦١٦ هـ (٤)، فخرب أسواره، وكانت قد حصنت إلى الغاية.

وانتقل منه عالم عظيم، وهرب أهله منه خوفا من الفرنج أن يهجم عليهم ليلا ونهارا، وتركوا أموالهم وأثقالهم وتمزقوا في البلاد كل ممزق، حتى قيل: إنه


(١) الملك الكامل محمد بن أيوب: ولد سنة ٥٧٦ هـ/ ١١٨٠ م، مات بدمشق سنة ٦٣٥ هـ/ ١٢٣٧ م، تسلطن سنة ٦١٥ هـ/ ١٢١٨ م إلى سنة ٦٣٥ هـ/ ١٢٣٧ م، ينظر: أبو شامة، الذيل ١٦٦؛ ابن خلكان ٥/ ٧٩؛ ابن واصل ٥/ ١٥٣؛ أبو الفداء، المختصر ٣/ ٢٦٨؛ الذهبي، سير ٢٢/ ١٢٧؛ ابن دقماق ٢/ ٢٨؛ المقريزي، السلوك ١/ ٣١٣؛ ابن تغري بردي، النجوم ٦/ ٢٠٠ - ٢٠١؛ ابن العماد ٥/ ١٧١؛ الزبيدي ٥٢.
(٢) أبو شامة، الذيل ١١٥ - ١١٦؛ اليافعي ٤/ ٣٢؛ ابن كثير ١٣/ ٨٣؛ المقريزي، السلوك ١/ ٣١٣؛ ابن تغري بردي، النجوم ٦/ ٢١٦ - ٢١٧؛ ابن العماد ٥/ ٦٥ - ٦٦.
(٣) سنة ٦١٦ أهـ: سنة ست عشرة وستمائة ب ج: - د.
(٤) سنة ٦١٦ أهـ: سنة ست عشرة وستمائة ب ج: - د.

<<  <  ج: ص:  >  >>