للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلموا عسقلان على أن يخرجوا بأموالهم بعد أخذهم الميثاق واليمين، وذلك يوم السبت سلخ جمادى الآخرة، فكان حصارها أربعة عشر يوما، وكان بين فتح عسقلان وأخذ الفرنج لها من المسلمين خمس وثلاثون سنة، فإنهم كانوا أخذوها من المسلمين في السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة ٥٤٨ هـ، وممن استشهد على عسقلان من الأمراء الكبار: إبراهيم بن حسين المهراني، وهو أول أمير استشهد، وكان السلطان قد أخذ في طريقه إليها الرملة ويبنى وبيت لحم والخليل، وأقام بها حتى تسلم حصون الداروم وغزة والنطرون (١) وبيت جبريل (٢)، واجتمع بالسلطان ولده صاحب مصر الملك العزيز عثمان بعسقلان، فقرت عينيه بقدومه واعتضد به. وكان قد استدعى الأساطيل فحضرت والحاجب لؤلؤ (٣) مقدمها، وشرع بقطع الطريق على سفن العدو ومراكبه، ويقف له في جزائر البحر، وسنذكر ذلك في محله، إن شاء الله تعالى.

فتح بيت المقدس (٤)

ثم رحل السلطان من عسقلان إلى بيت المقدس (٥) وسمع خبره من في القدس (٦)، فاشتد رعبهم، وكان بها من مقدمي الفرنج باليان بن بارزان والبطرك الأعظم ومن كلا الطائفتين الإسبتارية والداوية، وضاقت بهم منازلهم، فأخذوا في تدبير أنفسهم وأيسوا وصاروا في هرج ومرج، واشتد بهم الكرب.

وأقبل السلطان بعساكر الإسلام وهو في أبهته وهيئته المرهبة، ونزل على القدس من جهة الغرب يوم الأحد خامس عشر رجب، وكان في القدس حين الفتح (٧) من الفرنج ستون ألف مقاتل وقد وقفوا دون البلد للمبارزة، وقاتلوا أشد


(١) والنطرون ب ج هـ: البطرون أ: - د.
(٢) بيت جبريل: بلد بين القدس وغزة عند السفوح الغربية لجبال الخليل، ينظر: البغدادي، مراصد ١/ ٢٣٧.
(٣) قد يكون لؤلؤ الأتابك وهو لؤلؤ بن عبد الله الأتابكي، أبو الفضائل بدر الدين، الملقب بالملك الرحيم صاحب الموصل طالت أيامه وكان من أجل الملوك وأعلاهم همة، وأسهرهم على رعاياه، ينظر: أبو شامة، الذيل ٢٠٣؛ ابن تغري بردي، النجوم ٧/ ٧؛ الزركلي ٥/ ١١.
(٤) ينظر: ابن الأثير، الكامل ٩/ ١٨٢ - ١٨٦؛ ابن شداد ٦٣ - ٦٥؛ ابن أيوب ٢٧٢ - ٢٧٣؛ أبو شامة، الروضتين ٢/ ٩٢ - ١١٩؛ ابن خلكان ٧/ ١٧٨ - ١٨٨؛ ابن كثير، البداية ٢/ ٣٢٣ - ٣٢٧؛ اليافعي ٣/ ٤٢٤؛ المقريزي، السلوك ١/ ٢١٠ - ٢١١؛ ابن تغري بردي، النجوم ٦/ ٩٤.
(٥) بيت المقدس أ: القدس الشريف ب ج: القدس هـ: - د.
(٦) القدس أ ج هـ: + الشريف ب: - د.
(٧) حين الفتح أ: يومئذ ب ج هـ: - د.

<<  <  ج: ص:  >  >>