للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القتال. واستمر الحرب بين الفريقين، فانتقل السلطان يوم الجمعة لعشرين من رجب إلى جانب الشمال (١)، وخيم هناك وضيق على الفرنج ونصب المجانيق (٢) ورمى بها حتى تهدم غالب السور، ثم أخذ المسلمون في نقب السور مما يلي وادي جهنم، واشتد القتال وتباشر أهل الإسلام بالفتح وكان يوما عسيرا على الكافرين غير يسير (٣)، فبرز من الفرنج ابن بارزان ليطلب الأمان من السلطان فلم يجبه السلطان إلى ذلك، وقال (٤): لا آخذها إلا بالسيف مثل ما أخذها الفرنج من المسلمين.

فتعرضوا للتضرع وعاودوه في طلب الأمان وعرفوه ما هم عليه من الكثرة، وأنهم إن أيسوا من الأمان قاتلوا خلاف ذلك، ولا يجرح منهم واحد (٥) حتى يجرح عشرة، ويخربوا الدور وقبة الصخرة ويقتلوا كل من عندهم من أسارى المسلمين - وهم ألوف - ويعدموا ما عندهم من الأموال وكذلك الذراري.

فعقد السلطان محضرا للمشورة وأحضر أكابر دولته وأكثر عساكره (٦) وشاورهم في الأمر ودار الكلام بينهم على الصلح بشرط أن يؤدي كل من بها من الرجال عشرة دنانير ومن النساء خمسة، ويؤدي عن الطفل ديناران وأي من عجز عن الأداء كان أسيرا.

فأجاب الفرنج إلى ذلك ودخل ابن بارزان والبطرك ومقدم الداوية (٧) والاسبتارية في الضمان، وبذل ابن بارزان ثلاثين ألف دينار عن الفقراء وسلموا البلد يوم الجمعة قبيل الظهر (٨) وقت الصلاة السابع والعشرين من رجب على هذا الشرط، ولم تتفق صلاة الجمعة يومئذ لضيق الوقت، وكان فيه أكثر من مائة ألف إنسان من الرجال والنساء والصبيان، وأغلقت أبواب المدينة ورتب النواب لعرضهم واستخراج المال منهم، ووكل بكل باب أمين ومقدم كبير يضبط من يدخل ويخرج فمن أدى ما عليه يمكن (٩) من الخروج ومن لم يؤد قعد في الحبس، وحصل التفريط من العمال في المال وشرعوا يواطئون الفرنج في ذلك لارتشائهم منهم، فمنهم من


(١) جانب الشمال أ: الجانب الشمالي ب ج هـ: - د.
(٢) المجانيق أ: المناجيق ب ج هـ: - د.
(٣) ينظر: الأصفهاني، الفتح ١١٦.
(٤) وقال ب ج هـ: فقال أ: - د.
(٥) منهم واحد أ ج هـ: أحد منهم ب: - د.
(٦) وأكثر عساكره أ ب ج: - د هـ.
(٧) الداوية أ ج هـ: الراوية ب: - د.
(٨) قبيل الظهر أ ب ج: قبل الظهر هـ: - د.
(٩) يمكن أ ج هـ: مكن ب: - د.

<<  <  ج: ص:  >  >>