للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر صفاته (١) ونبذة عن معجزاته (٢)

كان النبي (٣)، ، مليح الوجه، حسن الخلق معتدل القامة، ليس بالقصير ولا بالطويل، أبيض اللون مشربا بحمرة، يتلألأ وجهه تلألأ (٤) القمر ليلة البدر، كث اللحية، واسع الجبين، بعيد ما بين المنكبين، لم يبلغ الشيب في رأسه ولحيته عشرين شعرة، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحلاهم وأحسنهم من قريب، بين كتفيه خاتم النبوة، ريح عرقه أطيب من ريح المسك الإذفر، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله.

وأما معجزاته، ، فأفضلها القرآن الكريم الذي أعجز الفصحاء وأخرس البلغاء، ومنها انشقاق الصدر والتئامه، ومنها انشقاق القمر فرقتين، ومنها: نبع الماء من بين أصابعه، وتكثير الطعام ببركته، وكلام الشجرة وشهادتها له بالنبوة، وإجابتها دعوته، وسلام الحجر والشجر عليه، وحنين الجذع إليه، وتسبيح الحصى في كفه، وغير ذلك مما لا يعد ولا يحصى، ولا يحاط به ولا يستقصي، ومن ذا يحيط بالبحر الزاخر ولو أجهد نفسه آناء الليل وأطراف النهار.

وكان ، لا ينتقم لنفسه ولا يغضب لها، إلا أن تنتهك حرمات الله تعالى، فينتقم لله، وكان أحسن الناس خلقا، وأرجحهم علما، وأعظمهم عفوا، وأسخاهم كفا، وأوسعهم صدرا، وأصدقهم لهجة، وكان أشد الناس حياء من العذراء في خدرها، وإذا كره شيئا عرف في وجهه، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، وكان يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويخدم في مهنة أهله، ويجيب الدعوة، ويقبل الهدية، ويكافئ عليها ويأكلها (٥)، ولا يأكل الصدقة، ويعود المريض، ويشهد الجنائز، متواضعا، يمزح ولا يقول إلا حقا، يضحك من غير قهقهة، وما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما إلا أن يكون فيه إثم أو قطيعة رحم، فيكون أبعد الناس عن ذلك.

مولده بمكة وهجرته لطيبة (٦) وملكه بالشام، أرأف الناس وخيرهم، لا ترتفع في مجلس الأصوات، إذا قام من مجلسه قال: «سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن


(١) صفاته أ د هـ: + ب ج.
(٢) ينظر: ابن الجوزي، الوفا ١/ ٢٦٥ - ٣٢٥؛ ابن سيد الناس ٢/ ٣٦١ - ٤٠٠.
(٣) النبي أ: - ب ج د هـ.
(٤) تلألأ أ ج هـ: كتلألؤ ب د.
(٥) ويأكلها أ ج هـ: ويأكل منها ب د.
(٦) لطيبة أ: بطيبة ب ج د هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>