للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتغال المسلمين بالقدس شرع في إحكام صور (١) وحصنها وجعل لها خندقا وضيق طريقها.

وكتب السلطان إلى الخليفة الناصر لدين الله يعلمه بالفتح، وكتب أيضا إلى الآفاق رسائل من إنشاء العماد الكاتب فيها من البلاغة والألفاظ الفائقة ما لا يقدر عليه غيره.

ذكر رسالة السلطان للخليفة (٢)

وكانت الرسالة إلى الخليفة على يد ضياء الدين بن الشهرزوري (٣) بخط القاضي الفاضل من إنشائه وهي: أدام الله أيام الديوان العزيز النبوي ولا زال مظفر الجد بكل جاحد، غنيا بالتوفيق عن رأي كل رائد، موقف المساعي على اقتناء مطلقات المحامد، مستيقظ النصر والنصل في جفنه راقد، وارد الجود والسحاب (٤) على الأرض غير وارد، متعدد مساعي الفضل وإن كان لا يلقي إلا بشكر (٥) واحد، ماضي حكم العدل بعزم لا يمضي إلا بنبل غوى وريش راشد، ولا زالت غيوث فضله إلى الأولياء أنواء إلى المرابع وأنوار إلى المساجد، وبعوث رعبه إلى الأعداء خيلا إلى المراقب وخيالا إلى المراقد، كتب الخادم هذه الخدمة تلو ما صدر عنه مما كان يجري مجرى التباشير لصبح هذه الخدمة والعنوان لكتاب وصف هذه النعمة فإنها بحر فيه للأقلام سبح طويل، ولطف لتحمل الشكر (٦) فيه عبء ثقيل، وبشرى للخواطر في شرحها مآرب، ويسرى للأسرار في إظهارها العزم لا مسارب (٧) ولله تعالى في إعادة شكره رضا، وللنعمة الراهنة به دوام لا يقال معه هذا مضى، وقد صارت أمور الإسلام إلى أحسن مصائرها، وقد (٨) استثبتت عقائد أهله على أبين بصائرها، وتقلص ظل رجاء الكافر المبسوط وصدق الله أهل دينه، فلما وقع الشرط وقع المشروط، وكان الدين غريبا فهو الآن في وطنه، والفوز معروضا فقد


(١) إحكام صور وحصنها أ ج هـ: إحكام سور حصنها ب: - د.
(٢) ينظر: ابن خلكان ٧/ ١٨٠ - ١٨٦.
(٣) أبو الفضائل القاسم بن يحيى بن عبد الله بن القاسم، كان رسولا بين صلاح الدين والخليفة في بغداد، سمع الحديث، وتسلم القضاء أكثر من مرة، وتوفي في حماة سنة ٥٩٩ هـ/ ١٢٠٢ م، ينظر: أبو شامة، الذيل ٣٥ - ٣٦؛ ابن كثير، البداية ١٣/ ٣٥.
(٤) والسحاب ب ج هـ ابن خلكان: والسحايب أ: - د.
(٥) بشكر ب ج هـ: بشاكر أ: - د.
(٦) لتحمل الشكر ب ج هـ: - أ د.
(٧) مسارب أ ج ابن خلكان: مشارب ب هـ: - د.
(٨) وقد أ ج هـ: ولقد ب: - د.

<<  <  ج: ص:  >  >>