للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلت الأنفس في ثمنه وأمر أمر الحق وكان مستضعفا، وأهل ربعه، وكان قد عيف حين عفا، وجاء أمر الله وأنوف أهل الشرك راغمة، وأدلجت السيوف إلى الآجال وهي نائمة (١)، وصدق وعد الله في إظهار دينه على كل دين، واستطارت له أنوار أبانت أن الصباح عندها حسان الجبين، واسترد المسلمون تراثا كان عنهم آبقا، وظفروا يقظة بنا لم يتصدقوا أنهم يظفرون به طيفا على النأي طارقا، واستقرت على الأعلام أقدامهم، فخفقت على الأقصى أعلامهم، وتلاقت (٢) على الصخرة قلوبهم، وشفيت بها وإن كانت صخرة كما يشفي بالماء غليلهم، ولما قدم الدين عليها عرق منها سويداء قلبه وهنا كفؤها الحجر الأسود بيت عصمتها من الكافر بحربه، وكان الخادم لا يسعى بسعيه (٣) إلا لهذه العظمى، ولا يقاسي البؤس إلا رجاء هذه النعمى ولا يحارب من يستظلمه في حربه ولا يعاقب بأطراف القنا من يتفادى (٤) في عتبه إلا لتكون الكلمة مجموعة فتكون كلمة الله هي العليا، وليفوز بجوهر الآخرة لا بالعرض الأدنى من الدنيا، وكانت الألسن ربما سلقته فأنضج قلوبها بالاحتقار، وكانت الخواطر ربما غلت عليه مراجلها فأطفأها بالاحتمال والاصطبار، ومن طلب خطيرا (٥) خاطر، ومن رام صفعة رابحة جاسر، ومن سما لأن يجلي غمرة غامر، وإلا فإن العقود تلين تحت نيوب الأعداء المعاجم، فيعظها وتضعف في أيديها مهز القوائم فيفضها هذا إلى كون القعود لا يقضي به فرض الله في الجهاد، ولا يراعي به حق الله في العباد، ولا يوفي به واجب التقليد الذي تطوقه الخادم من أئمة قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، وخلفاء الله كانوا في مثل هذا اليوم لله يسألون، لا جرم أنهم أورثوا أسرارهم وسريرهم خلفهم الأطهر، ونجلهم الأكبر، وبقيتهم الشريفة، وطليعتهم المنيفة وعنوان صحيفة فضلهم لا عدم سواد القلم وبياض الصحيفة، فما غابوا لما حضر ولا غضوا لما نظر بل وصلهم الأجر لما كان به موصولا، وشاطروه العمل لما كان عنه مسؤولا ومنه مقبولا، وخلص إليهم إلى المضاجع ما اطمأنت به جنوبها، وإلى الصفائح ما عبقت به جيوبها، وفاز منها بذكر لا يزال الليل به سميرا، والنهار به بصيرا والشرق يهتدي بأنواره، بل إن أبدى نورا في ذاته هتف به الغرب بأنواره فإنه نور لا تكفه أغساق السدف (٦)، وذكر لا توازيه أوراق الصحف، وكتب


(١) وهي نائمة ب ج هـ: - أ د.
(٢) وتلاقت أ ج هـ: وتلاقي ب: - د قلوبهم ج: قبيلتهم أ: قبيلهم ب هـ: - د.
(٣) بسعيه أ ج: سعيه ب هـ: - د.
(٤) يتفادى أ ب ج: يتبارى هـ: - د كلمة الله ب ج هـ: - أ د.
(٥) خطيرا أ ب ج: - د هـ.
(٦) أغساق السدف أ ب ج د: - أ د.

<<  <  ج: ص:  >  >>