للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمام، وقارئ حديث ونواب (١).

ويؤكد على هذا الاهتمام العليمي نفسه فقد أشار في أحداث سنة (٨٧٧ هـ/ ١٤٧٢ م)، عن اهتمام السلاطين بالمدارس فيقول: «وفيها رتب السلطان (٢) لمدرسته بالقدس الشريف صوفية وفقهاء وعين لها أوقافا بمدينة غزة وجعل عدة الصوفية ستين نفرا، لكل نفر في كل شهر خمسة عشر درهما شامية، وجعل للطلبة كل نفر في كل شهر خمسة وأربعين درهما، وجعل لها أرباب وظائف من الفراش والبواب ونحو ذلك، وجعل للشيخ في كل شهر خمسمائة درهم» (٣)، وأحيانا كان السلاطين يكرمون شيوخ المدارس بالعطايا المالية والخلع (٤).

وأما الطلاب فقد تمتعوا بحرية اختيار المواد التي يدرسونها، بحيث لا يمنع فقيه أو مستفيد من الطلبة ما يختاره من العلوم الشرعية، وكثيرا ما اعتمد هذا الاختيار على مكانة المدرس وشهرته العلمية بحيث ينتقل طالب العلم من بلد بعيد ليتتلمذ على فقيه أو محدث مشهور (٥).

ونظرا لكثرة المدارس في ذلك العصر فسأتناول الحديث عن أشهرها في بلاد الشام عامة وفي بيت المقدس خاصة.

[٢: ٢] أشهر المدارس في الشام:

١ - المدرسة العادلية الكبرى (٦):

كانت هذه المدرسة تقع داخل دمشق شمالي الجامع وشرقي الخانقاه (٧) الشهابية تجاه باب الظاهرية يفصل بينهما طريق.

بدأ بإنشائها نور الدين محمود زنكي، لكنه توفي قبل أن يكملها، ثم بنى بعضها الملك العادل سيف الدين، وأكملها ابنه المعظم، وأوقف عليها أوقافا كثيرة (٨).

وقد درس بها أكابر العلماء والقضاة أمثال: القاضي جمال الدين


(١) ينظر: ابن كثير، البداية ١٤/ ١٨٤.
(٢) أي السلطان الأشرف قايتباي، ينظر: ص: ٣٢.
(٣) ينظر: العليمي ٣٩٢.
(٤) ينظر: العيني ٣٣٣.
(٥) ينظر: ابن رجب ٦٧؛ عاشور، العصر المماليكي ٣٤٤.
(٦) ينظر: النعيمي ١/ ٣٥٩، ٣٦٢، ٣٦٣، ٣٦٧.
(٧) الخانقاه: بيت ينقطع فيه الصوفية للعبادة والذكر، ينظر: عاشور، العصر المماليكي ٢٣٣.
(٨) ينظر: النعيمي ١/ ٣٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>