للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرنج وليس له وقع، فقالوا: ليته لم يصل إلينا، فأخذ يحرضهم ويقوي عزمهم فعرفوه قوة بأس المسلمين، فأظهر لهم قوة وعزما، فلما عرفوا جهله قالوا له:

نخرج المسلمين لعلنا نظفر بهم، فاجتمعوا وساروا إلى مخيم السلطان. فركب من خيمته وتقدم إلى تل كيسان، ووقف ينهض العسكر، فحال بينهما (١) الليل وحصل للألماني مشقة، فلما لم يبلغوا قصدهم من العسكر أخذوا في قتال البلد وحصاره.

ذكر برج الذبان (٢) (٣)

وعند ميناء عكا في البحر برج يعرف ببرج الذبان منفرد عن البلد، قصد الفرنج حصاره قبل مجيء ملك الألمان في الثاني والعشرين من شعبان بمراكب جهزوها من البحر وشحنوها بالآلات والعدد، ومنها مركب عظيم لما قرب من البرج رميت فيه النار فاحترق بكل ما فيه (٤)، وملؤوا بطسة (٥) (٦) أخرى بالأحطاب، فسرى فيها النفط فأحرقها، وكان الفرنج في مراكب من ورائها، فانقلبت (٧) الريح على الفرنج وتطاير الشرر من بطسة الحطب وعاد على الفرنج فالتهبوا وانقلبت بهم السفينة فاحترقوا وغرقوا واحتمى برج الذبان فلم يظفروا منه بشيء.

[ذكر الكبش وحريقه]

واستأنف الفرنج عمل دبابة (٨) (٩) في رأسها شكل عظيم يقال له الكبش، وقد سقفوها مع كبشها بأعمدة الحديد وألبسوا رأس الكبش بعد الحديد بالنحاس خشية عليها من النار وسحبوها، فانزعج المسلمون لذلك وقالوا: ليس في هذه حيلة. ثم نصب المسلمون مجانيق (١٠) ورموا بالحجارة، فنفر من حولها من الرجال، ثم قذفوها بالنار فدخلت من باب الدبابة، فاشتعلت النار فيها، وخرج منها الفرنج


(١) فحال بينهما أ: وحال بينهم ب ج د هـ للألماني أ ج د: للألمان ب هـ.
(٢) ينظر: ابن شداد ١١٨.
(٣) الذبان أ ج د هـ: الذباب ابن شداد: - ج.
(٤) فيه أ د هـ: عليه ب: - ج.
(٥) البطسة: نوع من السفن الحربية كانت تتسع لعدد كبير من الجند يصل إلى نحو سبعمائة، ينظر: النويري، نهاية ٢٩/ ١٣٢٣؛ عاشور ٤١٩.
(٦) بطسة ابن شداد، أبو شامة: بطة أ ج د هـ: - ج.
(٧) فانقلبت أ د هـ: فانقلب ب: - ج بطسة أ د هـ: بطة ب: - ج.
(٨) دبابة: آلة حربية عظيمة يدخل تحتها المقاتلة ملبسة بصفائح الحديد ولها رأس يسمى بالكبش ينطح السور كي يخرقه بتكرار النطح، ينظر: أبو شامة، الروضتين ٢/ ١٦٢؛ الرفاعي ١٤٨.
(٩) دبابة ابن شداد، أبو شامة: ذبابة أ ب د هـ: - ج.
(١٠) مجانيق أ د هـ: مناجيق ب: - ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>