للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر الهدنة وتحالفوا على ذلك. ولم يحلف ملك الإنكثير بل أخذوا يده وعاهدوه واعتذر بأن الملوك لا يحلفون، وقنع السلطان بذلك، وحلف الكندهري ابن أخته وخليفته في الساحل، وحلف غيره من عظماء الفرنج، ووصل ابن الهنفري وباليان (١) إلى خدمة السلطان ومعهما جماعة من المقدمين، وأخذوا يد السلطان على الصلح، واستحلفوا الملك العادل أخا السلطان، والملكين الأفضل والظاهر ابني السلطان، والملك المنصور صاحب حماة محمد بن تقي الدين بن عمرو، والملك المجاهد شيركوه صاحب حصن حمص، والملك الأمجد بهرام شاه صاحب بعلبك، والأمير بدر الدين يلدرم البارقي صاحب تل باشر (٢)، والأمير سابق الدين عثمان بن الداية صاحب سرمين (٣)، والأمير سيف الدين علي بن أحمد المشطوب، وغيرهم من المقدمين الكبار.

وكانت الهدنة على أن يستقر بيد الفرنج من يافا إلى قيسارية إلى عكا إلى صور وأن تكون عسقلان خرابا، واشترط السلطان دخول بلاد الإسماعيلية في عقد هدنته، واشترط الفرنج دخول أنطاكية وطرابلس في عقد هدنتهم وأن تكون لد والرملة مناصفة بينهم وبين المسلمين.

فاستقرت القاعدة (٤) على ذلك وحضر العماد الكاتب لإنشاء عقد الهدنة وكتبها ونادى المنادي بانتظام الصلح وأن البلاد الإسلامية والنصرانية واحدة في الأمن والمسالمة فمن شاء من كل طائفة يترددوا إلى بلاد الطائفة الأخرى من غير خوف ولا محذور.

وكان يوما مشهودا نال الطائفتان فيه من المسرة ما لا يعلمه إلا الله تعالى، وكان ذلك مصلحة في علم الله تعالى، لأنه اتفقت وفاة السلطان بعد الصلح بيسير فلو اتفق ذلك أثناء وفاته كان الإسلام على خطر.

ذكر ما جرى بعد الصلح (٥)

عاد السلطان إلى القدس واشتغل في إكمال السور والخندق، وفسح للفرنج


(١) وباليان أ ج د هـ: وماليان ب.
(٢) تل باشر: قلعة حصينة وكورة واسعة شمالي حلب، ينظر: أبو الفداء، تقويم ٢٣٢؛ البغدادي، مراصد ١/ ٢٦٩.
(٣) سرمين: بليدة مشهورة من أعمال حلب، أهلها إسماعيلية، ينظر: أبو الفداء، تقويم ٢٦٥؛ البغدادي، مراصد ٢/ ٧١٠.
(٤) القاعدة أهـ: المهادنة ب د: المعاقدة ج.
(٥) ينظر: ابن الأثير، الكامل ٩/ ٢٢٢؛ ابن شداد ٢٢٤ - ٢٢٥؛ أبو شامة، الروضتين ٢/ ٢٠٤ - ٢٠٥؛ المقريزي، السلوك ١/ ٢٢٤؛ ابن تغري بردي، النجوم ٦/ ٤٤ - ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>