للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصبح يوم السبت والفرنج قد ركبوا وخرج منهم أربعون فارسا واستدعوا ببعض المماليك الناصرية، فلما وصل إليهم أخبروه (١) أن الخارج صاحب صيدا في أصحابه وهو يستدعي نجيب الدين، أحد أمناء السلطان، لأنه كان يتردد في الرسالات للفرنج. فلما حضر أرسله إلى السلطان ليتحدث في خروج من بعكا بأنفسهم بحكم الأمان، وطلبوا في مقابلة ذلك أشياء لا يمكن وقوعها وتعنتوا في الاشتراط، فتردد من عند السلطان نجيب الدين مرارا.

وكان الفرنج اشترطوا إعادة جميع البلاد وإطلاق أسراهم (٢) فبذل السلطان لهم عكا بما فيها، وأن يطلق لهم في مقابلة كل شخص أسيرا، فلم يقبلوا. وسمح لهم برد صليب الصلبوت (٣)، وانفصل الأمر على غير (٤) اتفاق وضعف البلد وعجز من فيه.

استيلاء الفرنج على عكا (٥)

وفي يوم الجمعة السابع عشر من جمادى الآخرة اجتمعت الفرنج بجموعها وهجمت وطلعت في السور المهدوم، فثار عليهم المسلمون وصدوهم، وحصلت الوقعة حتى قلّت الرجال، فخرج سيف الدين علي بن أحمد المشطوب وحسام الدين حسين بازيك وأخذا أمان الفرنج على أن يخرجوا بأموالهم وأنفسهم على تسليم البلد ومائتي ألف دينار وخمسمائة أسير من المجهولين وما أسر من المعروفين وصليب الصلبوت وأشياء ذكراها غير ذلك. فلم يشعرا إلا بالرايات الفرنجية قد نصبت على عكا وما عند السلطان علم بما جرى عليه الحال، فانزعج السلطان والمسلمون لذلك. ونقل الثقل تلك الليلة إلى منزله الأول بشفا عمرو (٦) وأقام في الخيمة اللطيفة، ثم انتقل سحر ليلة الأحد تاسع عشر الشهر إلى المخيم وهو في غم عظيم، فسلاه أصحابه، واستعطفوا بخاطره.

وخرج رسول بهاء الدين قراقوش لطلب ما قرروه من القطيعة، وقال: أدركونا


(١) أخبروه ب: وأخبرهم أ د هـ: - ج.
(٢) أسراهم أ د هـ: أساراهم ب: - ج.
(٣) صليب الصلبوت: قطعة من الخشب اعتقد الفرنجة أنها من بقايا الصليب الذي صلب عليه السيد المسيح، وكان يحمل في المعارك تيمنا بالنصر، ينظر: الأصفهاني، الفتح ٨٤؛ عبد المهدي ١٥٢.
(٤) غير ب د هـ: - أ ج.
(٥) ينظر: ابن الأثير، الكامل ٩/ ٢١٤؛ ابن شداد ١٥٤؛ أبو شامة ٢/ ١٨٤ - ١٨٧؛ ابن كثير، البداية ١٢/ ٣٤٢ - ٣٤٤؛ أبو الفداء، المختصر ٣/ ٧٦؛ ابن الوردي ٢/ ١٥٥ - ١٥٦.
(٦) بشفا عمرو هـ: بشفر عمر أ ب د: - ج الخيمة اللطيفة أ د: خيمة لطيفة ب هـ: - ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>