للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتكرير الرسالات الخداع متى يشتغل (١) المسلمون عنهم. وضعف الثغر من قوة الحصر.

ولما علم السلطان يوم الثلاثاء سابع جمادى الآخرة بما عليه البلد من غلبة البلاء زحف بعسكره ودهم الفرنج ونهب من خيامهم، وأمسى تلك الليلة، ثم أمر بدق الكؤوس سحرا حتى ركب العسكر، فجرى ذلك اليوم من القتال أشد ما كان من أمس. ووصل إلى السلطان مطالعة (٢) من البلد أنهم عجزوا ولم يبق إلا تسليم البلد.

فعظم الأمر على السلطان، وفي هذا اليوم الأربعاء (٣) بعث العساكر وزحفوا (٤) إلى خنادقهم وخالطوهم وحصل بينهم قتال شديد.

ولما تكاثر الفرنج على عكا وقلّ المسلمون لكثرة من استشهد، خرج سيف الدين علي المشطوب (٥) إلى ملك الإفرنسيس بأمان، وقال له: قد علمتم ما عاملناكم به عند أخذ بلادكم من الأمان لأهلها ونحن نسلم إليك البلد على أن تعطينا الأمان ونسلم، فقال: إن أولئك الملوك كانوا عبيدي وأنتم مماليكي أفعل فيكم (٦) ما يقتضيه رأيي. فقام المشطوب من عنده مغتاظا وأغلظ له في القول وقال: نحن لا نسلم البلد حتى نقتل بأجمعنا ونقتلكم قبلنا، ولا يقتل منا واحد حتى يقتل خمسين.

ولما رجع المشطوب وعلم حاله هرب جماعة من الأمراء والأجناد ممن بالبلد وغضب عليهم السلطان وأخرج إقطاعهم (٧)، ثم رجع بعضهم إلى البلد، فحصل له الرضا (٨)، ووقع في بعضهم شفاعة، واستمروا على المقت عند السلطان.

وفي يوم الخميس حصلت وقعة عظيمة، واشتد فيها الحرب، وأصبح العسكر يوم الجمعة عاشر الشهر على أهبة القتال، فلم يحصل شيء وانقضى النهار والعسكر محيط بالبلد (٩).


(١) يشتغل ب د: ليشغلوا أهـ: - ج.
(٢) مطالعة ب د هـ: مطلعة أ: - ج.
(٣) الأربعاء أ د هـ: - ب ج.
(٤) وزحفوا أ د هـ: وزحف ب: - ج.
(٥) سيف الدين المشطوب: كان من أصحاب أسد الدين شيركوه، حضر معه إلى مصر ثم صار من كبراء أمراء صلاح الدين وهو الذي كان نائبا على عكا لما أخذها الفرنج، وكان من جملة الأسرى فافتدى نفسه بخمسين ألف دينار، وتوفي سنة ٥٨٨ هـ/ ١١٩١ م؛ ينظر: ابن شداد ٩١؛ ابن كثير، البداية ١٢/ ٣٥٢؛ اليافعي ٣/ ٣٨؛ ابن الوردي ٢/ ٥٩؛ ابن تغري بردي، النجوم ٦/ ١٠٦؛ ١٠٧.
(٦) أفعل فيكم أ د هـ: أفعل بكم ب: - ج.
(٧) إقطاعهم أهـ: إقطاعاتهم ب د: - ج.
(٨) الرضا ب: الرضى أ د هـ: - ج.
(٩) والعسكر محيط بالبلد أ: والعسكر محيط بالعدو والعدو محيط بالبلد ب د هـ: - ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>