للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخادم هذا وقد أظفر الله بالعدو الذي تشظت قناته شققا، وطارت من فرقه فرقا وفل سيفه فصار عصا، وصدعت حصاته وكان الأكثر عددا وحصا وكلت حملاته فكانت قدرة الله تصرف (١) فيه العنان بالعنان، وعقوبة من الله ليس لصاحب يد فيها (٢) يدان، وعثرت قدمه، وكانت الأرض لها حليفة، وغضت عينه وكانت السيوف دونها كثيفة، ونام جفن سيفه وكانت يقظته تريق لطف الكرى من الجفون، وجدعت أنوف رماحه، وطالما كانت شامخة بالمنى أو راعفة بالمنون، وأصبحت الأرض المقدسة الطاهرة وكانت الطامث، والرب الفرد الواحد، وكان عندهم الثالث، وبيوت الكفر مهدومة، ونيوب الشرك مهتومة، وطوائفه الحامية (٣) مجمعة على تسليم القلاع الحامية، وشجعانه المتوافية مذعنة لبذل القطائع الوافية، لا يرون في ماء الحديد لهم عصره، ولا في نار الأنفة لهم نصره قد ضربت عليهم الذلة والمسكنة، وبدل الله مكان السيئة الحسنة، ونقل بيت عبادته من أيدي أصحاب المشأمة إلى أيدي أصحاب الميمنة، وقد كان (٤) الخادم لقيهم اللقاءة الأولى فأمده الله بمداركته، وأنجده بملائكته فكسرهم كسرة ما بعدها جبر، وصرعهم صرعة لا تنتعش بعدها بمشيئة الله كفر، وأسر منهم من أسرت به السلاسل وقتل منهم من فتكت به المناصل، وأجلت المعركة عن صرعى من الخيل والسلاح والكفار، وعن المصاف بخيل فإنه قتلهم (٥) بالسيوف الأفلاق والرماح، الإكسار، فنيلوا بثأر من السلاح ونالوه أيضا بثأر، فكم أهلة سيوف تقارض الضراب بها حتى عادت كالعراجين، وكم أنجم قنا تبادلت الطعان حتى صارت كالمطاعين، وكم فارسية ركض عليها فارسها الشهم إلى أجل فاختلسه وفغرت تلك النفوس (٦) فاها، فأذاقوها قد نهش القرن على بعد المسافة وافترسه، وكان اليوم مشهودا، وكانت الملائكة شهودا وكان الصليب صارخا، وكان الإسلام مولودا وكانت ضلوع الكفار لنار جهنم وقودا، وأسر الملك وبيده أوثق وثائقه وأكد وصله بالدين وعلائقه وهو صليب الصلبوت، وقائد أهل الجبروت ما دهموا قط بأمر إلا وقام بين دمائهم يبسط لهم باعه، فكان مد اليدين في هذه الوقعة وداعه، لا جرم أنه تتهافت على ناره فراشهم، ويجتمع في ظل ظلاله خشاشهم، ويقاتلون تحت ذلك الصليب أصلب قتال وأصدقه، ويرونه


(١) فكانت قدرة الله تصرف أ ج هـ: وكان قدرا يضرب ب: - د.
(٢) يد فيها أ ج هـ: يد بها ب: - د.
(٣) الحامية أ ج هـ: المحامية ب: - د.
(٤) وقد كان أ ج: وكان ب هـ: - د.
(٥) فإنه قتلهم … بثأر أ ب ج: - د هـ.
(٦) النفوس أ ج هـ: القوس ب: - د.

<<  <  ج: ص:  >  >>