للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها في العشر الأوسط من شهر صفر، حضر الأمير اقبردي الدوادار الكبير من الديار المصرية على حين غفلة، ولم يعلم به حتى دخل إلى مدينة غزة، ثم توجه إلى الرملة ووضع أثقاله بها، ثم توجه من فوره هو ومن معه على الخيول إلى جهة نابلس (١)، ثم عاد إلى الرملة وأقام بها بداخل البلد هو وجماعته، ولم ينصب (٢) مخيمه بظاهرها على ما جرت به العادة، ونادى بالأمان وأمر جماعته بعدم التعرض لأحد من الرعية، وكان مقامه بالرملة بدار الأمير منصور بن قرابغا يبيت بها ليلا، وجلوسه في النهار بدار ابن باكيش (٣) المعدة للحكام، وجماعته من الخدم وغيرهم نزلوا عند الناس في منازلهم متفرقين، ثم في عشية يوم الأحد عاشر شهر ربيع الآخر، حضر إلى القدس الشريف السيفي قانصوه وعلى يده مرسوم الأمير اقبردي الدوادار، برمي الزيت المتحصل من جبل نابلس على التجار المعتادين بعمل الصابون، كل قنطار بخمسة عشر دينارا ذهبا بعد أن ختم على ما اشتروه من القلي (٤)، ونودي في البلد بالأمان للعوام وأن الزيت لا يأخذه إلا أربابه، فمن الناس لم يصدق هذه المناداة وخرج هاربا، ومنهم من اطمأن، ثم شرع قانصوه بكتابة أسماء التجار ومن له عادة بعمل الصابون حتى اطمأن الناس، وشرع يقبض عليهم واحدا بعد واحد من التجار وغيرهم، ويلزمهم بشراء الزيت على حكم ما فعل بهم في سنة ست وتسعين، ورمى على اليهود والنصارى، وطلب بعض نساء الغائبين، وضرب بعض (٥) جماعة، ولكنه هذه المرة أخف وطأة من المرة الأولى التي كانت في سنة ست، بمقتضى أن ناظر الحرمين ونائب السلطنة بالقدس الشريف الأمير جان بلاط اعتنى بأهل بيت المقدس (٦) وتلطف بهم، فلم يقع فيهم الإفحاش كما تقدم في زمن دقماق النائب، وكان الزيت المرسوم برميه على أهل القدس وبلد الخليل ألف وخمسمائة قنطارا، من ذلك مائة وستون قنطارا مختصة بأهل بلد الخليل، والباقي على أهل القدس، ورمى على أهل غزة ألف قنطار، ثم رمى على أهل الرملة جانبا من الزيت وضيق عليهم بالضرب والحبس، وسافر السيفي قانصوه من مدينة القدس


(١) ينظر: ابن إياس ٣/ ٢٩٤.
(٢) ولم ينصب … جماعته ب هـ: - أ ج د.
(٣) باكيش ب هـ: ماكيش أ: - ج د.
(٤) القلي: مادة كيماوية تضاف إلى الزيت والذي بواسطتها يتم تخثيره إلى درجة التجمد بعد غليها معا على النار، وينتج عن ذلك الصابون، ينظر:. R.T.M Orrisa ٦٨٥
(٥) بعض أهـ: - ب ج د.
(٦) بيت المقدس وتلطف … وقت يريده الله تعالى فيما بقي من العمر أ ب هـ: - ج د.

<<  <  ج: ص:  >  >>